الفصل الأول
داخل الجحيم
في أذار 1976 بينما كنتُ أُصلي في البيت، زارني الرَّب يسوع المسيح. كنتُ أُصلي في الروح لعدة أيام حين شعرتُ وقتها بحضور اللَّه. ملأ مجده وقوته البيت. وأنار الغرفة نور رائع حيث كنتُ أُصلي وأتاني شعور عذبٌ ورائع.
تدفقت الأنوار في أمواج وطويت الأنوار أحدها الأخر وتداخلت بعضها مع بعض. كان منظراً مدهشاً، ثم بدأ صوت الرَّب موجهاً لي، فقال.
"أنا يسوع المسيح، ربُّكِ، إني أرغبُ إعطائك إعلاناً لتهيئة القديسين لعودتي ولإرجاع الكثيرين الى البِر. أن سلطات الظلام حقيقية وأحكامي حقيقية.
"يا طفلتي، سأخُذكِ أنا الى الجحيم بروحي، وسأُريكِ العديد من الأشياء التي أُريد العالم ان يعرفها. سأظهرُ لكِ في العديد من الأوقات، سأُخرجُ روحكِ من جسدك وسأخُذكِ فعلاً الى الجحيم.
"أُريدك ان تكتبي كتاباً وتُخبري عن الرؤى وعن كل الأشياء التي أكشفها لكِ. سنمشي انا وأنتِ خلال الجحيم سوياَ. إعملي سجلاً لهذه الأشياء التي وجدِت والتي تتواجد والتي ستأتي. كلماتي حق وأمينة وجديرة بالثقة. أنا هو الذي أنا هو، وليس هناك أخر بجانبي."
صرختُ، "يا عزيزي الرَّب. ماذا تريدني أن أفعل؟"
كل ما في داخلي أراد الصراخَ للإعتراف بحضور يسوع. أن أفضل ما أستطيع وصفه هو أن محبة غمرتني. لم أشعر بهكذا محبة، لقد كانت الأكثر جمالا وسلاماً وبهجة.
بدأ تسبيح اللَّه يتدفق منّي. أردت في الحال إعطائه حياتي كلها لكي يستخدمها للمساعدة على إنقاذ الناس من خطاياهم. عرفتُ، بروحِهِ، أنه في الحقيقة يسوع إبن اللَّه، كان هناك في الغرفة معي. لا أستطيع إيجاد الكلمات المناسبة لأُعبر عن حضوره الإلهي. لكني أعرفُ بأني أعرفُ أنه كان الرَّب.
قال يسوع، "اُنظري يا طفلتي، سأخُذكِ بروحي الى الجحيم لكي تكوني قادرة على عمل سجل عن حقيقته، لإخبار الأرض كلها بأن الجحيم حقيقي، ولجلب الضالين من الظلمة إلى نور إنجيل يسوع المسيح."
وفي الحال، أُخِذت نفسي من جسدي. ذهبتُ مع يسوع خارج غرفتي والى السماء.عرفتُ أن كل ما جرى كان يخصني أنا. رأيتُ زوجي وأطفالي نائمين في بيتنا تحت.
كنتُ وكأني مُتُّ وجسدي تُرِك على السرير بينما ذهبت روحي مع يسوع من خلال قمة البيت. بدا لي وكأن السقف كلَّهُ قد تدحرج إذ إستطعت رؤية عائلتي نائمة في أسِرَّتِهم.
شعرتُ بمشاعر يسوع حين قال، "لا تخافي. سيكونون في أمان" إذ عرِف يسوع أفكاري.
سأحاول بكل قدرتي أن أُخبِرك بالترتيب عما رأيتُ وشعرت. لم أفهم بعضاً من الأمور. تكلَّم الرَّب يسوع عن معاني معظم الأشياء، لكن بعض الأشياء لم يُخبرني عنها.
عرفتُ حينها وأعرِفُ الأن، بأن هذه الأشياء تحدث فعلاً وبأنه في إمكان اللَّه وحده أن يريها لي. أُسبِّحُ إسمهُ القدوس. أيها الناس صدقوني، الجحيم حقيقي. أُخذِتُ الى هناك بالروح عدة مرات أثناء تحضير هذا التقرير.
وبعد قليل كُنَّا في علو السموات. دُرتُ ونظرتُ الى يسوع. كان مليئاً بالمجد والقوة، وكان سلاماً عظيماً يتدفق منه. أخذ بيدي وقال، "أُحبكِ. لا تخافي، لأني أنا معكِ."
عند ذلك، بدأنا بالذهاب الى مستوى أعلى في السماء، كان بإمكاني الأن رؤية الأرض من فوق. رأيت قموعاً بارزة خارج الأرض متبعثرة في عدة أماكن تلتف حول نفسها عند نقطة معينة ثم تعود راجعة. كانت تتحرك على علو من الأرض، وكانت وكأنها شكل عملاق قذر يتحرك بإستمرار. كانت تصعد من جميع أنحاء الأرض. سألتُ الرَّب يسوع حين إقتربنا الى واحدة منها، "ما هذه؟"
قال، "هذه مداخل الجحيم. سندخل الى الجحيم من خلال أحدها."
وفي الحال دخلنا أحد القموع. بدت في الداخل مثل نفق، يلتف حول نفسه ثم يرجع ثانية.
سقط علينا ظلام شديد، ومع الظلام أتت رائحة رهيبة جداً أذهلتني. وكان على طول جوانب النفق أشكال كائنات حيّةٍ مطمورة في الحيطان. وكان شكلها رمادي قاتم وكانت تتحرك وتصرخ علينا عند إجتيازنا. عرِفتُ بدون أن أُخبِر أنها كانت شريرة.
كان بإمكانها ان تتحرك لكنها كانت متعلقة بالحيطان. كانت رائحة رهيبة تخرج منها، وكانت تصرخ علينا بأصوات مرعبة. شعرتُ بقوة مخفية وشريرة تتحرك داخل الأنفاق.
إستطعت وأنا في الظلام أن أُميِّز هذه الأشكال. كانت غشاوة قذرة تغطي معظمها. سألتُ وأنا أشدُّ بإحكام على يد يسوع، "يا رب، ما هذه؟"
قال، "هذه أرواح شريرة جاهِزة لكي تـُقذَف على الأرض عندما يعطي إبليس أوامره."
وفيما كنَّا نهبطُ داخل النفق، ضحكت الأشكال الشريرة وصرخت علينا. حاولَت لمسنا لكنها لم تستطِع بسبب قوة يسوع. كان الهواء ملوّثاً وقذِراً. حضور يسوع وحده منعني من الصراخ لهكذا رعب مطلق.
نعم، كانت عندي كل أحاسيسي، إذ أستطعت ان أسمع، أشمّ رائحة، أرى، أشعر، وحتى أذوق الشَّر في هذا المكان. حينما كانت أحاسيسي تتعرض لحساسية أكثر كانت الرائحة والقذارة تـُمرِضني.
ملئت الصيحات الهواء عند اقترابنا من قاعدة النفق. ثقبَت الصرخات النفق المظلم لمُلاقاتنا. أصوات من كل نوع ملئت الهواء. كنت أشعر بالخوف والموت والخطيئة حوالي.
كنت أشُّمُ أسوأ رائحة تملأ الهواء. كانت رائحة لحم متعفن، بدا لي إنها كانت تأتي من كل إتجاه. لم أشعر على الأرض بهكذا شَرٍّ ولم أسمع أبداً مثل صرخات اليأس هذه. ثم اكتشفتُ بأنها كانت صرخات الموتى التي ملئت الجحيم عويلاً.
شعرتُ بعصفة ريح شريرة وقوة إمتصاص صغيرة أمامنا. كانت أضواء مثل البرق تضئ مخترقة الظلام الأسود ومرمية بظلال رمادي على الحيطان. كنتُ بالكاد أستطيع تمييز أي شئ أمامي. أذهلتني الصدمة عندما أدركتُ بأن أفعى كبيرة كانت تتحرك أمامنا. وإذ واصلت النظر، رأيتُ تلك الأفاعي القبيحة تنسل في كل مكان.
قال يسوع، "سندخل الساق اليسرى من الجحيم قريباً. سترين أمامكِ أسى عظيم، حزن مثير للشفقة ورعب لا يمكن وصفه. إبقِ على مقربة مني، وأنا سأُعطيك قوة وحماية ونحن فاحصين الجحيم.
"الأشياء التي أنتِ على وشك رؤيتها هي إنذار. الكتاب الذي تكتبينه سينقـُذُ نفوساً كثيرة من الذهاب الى الجحيم. ما ترينه حقيقي. لا تخافي، لأني أنا معكِ."
وأخيراً، كنَّا، الرَّب يسوع وأنا، في أسفل النفق. فدخلنا الى الجحيم. سأُحاولُ بكل قدرتي أن أُخبرِك ما رأيتُ، وسأُخبرِكَ بالترتيب ما أعطاه لي اللَّه.
كانت أمامنا، بقدر ما أستطعت رؤيته، أشياء تندفع بسرعة هنا وهناك. ملأ الهواء أصوات وصرخات مؤسفة. رأيتُ قدامي ضوءأ مُعتِماً، بدأنا بالسير نحوه. كان الطريق جافاً وقذراً يُشبه الطحين. كنا تقريباً عند مدخل نفق مظلم صغير.
لا يمكنني وضع بعض الأشياء على الورق إذ كانت سيئة جداً لا يمكن وصفها. يمكن تذوُّق الخوف في الجحيم، وعرفتُ أنه إن لم يكن يسوع معي لما إستطعت العودة ثانية. في كتابتي لهذه الأمور، لم أفهم بعض الأشياء التي رأيتها، لكن الرَّب يعرِف كل الأشياء. وهو ساعدني على فهم معظم ما رأيتُ.
دعني أُحذِّرك من الذهاب الى ذلك المكان. إنه مكان عذاب مروع، فيه ألمٌ مُبرِح جداً وحزن أبدي.
ستكون نفسك حيَّة دائماً. النفس تعيش الى الأبد. هو أنتَ بنفسِك، ونفسُكَ إما تذهب الى السماء او الى الجحيم.
الى أؤلئك الذين يعتقدون بأن الجحيم هو هنا على الأرض، نعم أنت على حق! الجحيم هو في مركز الأرض، وهناك نفوس تتعذب ليلاً ونهاراً. ليس هناك تجمُّع إجتماعي في الجحيم. لا محبة، ولا شفقة، ولا إستراحة. إنه مكانُ أسى لا يُمكنك تصوره.
الفصل الثاني
الساق اليسرى للجحيم
ملئت رائحة رهيبة الهواء. قال يسوع لي، "تتواجد في الساق اليسرى للجحيم العديد من الحُفر. يتفرع هذا النفق الى أجزاء أخرى من الجحيم، لكننا سنقضي بعض الوقت في الساق اليسرى أولاً.
"هذه الأشياء التي أنتِ على وشك رؤيتها ستبقى معكِ دائماً. يجب ان يعرف العالم عن حقيقة الجحيم. لا يعتقد العديد من الخطاة وحتى بعض من شعبي بأن الجحيم حقيقي. أنتِ إختـُرتِ من قبلي لكشف هذه الحقائق لهم. كل شئ أُريكِ عن الجحيم وكل الأشياء الأخرى التي سأُريك حقيقية."
أظهر يسوع نفسه لي بشكل نور ساطِع. أسطَع من الشمس. كانت هيئة رجل في مركز ذلك النور. أحياناً رأيتُ يسوع كرجل، وفي أوقات أخرى كان بشكل روح.
تكلَّم ثانية قائلاً، "يا طفلتي، عندما أتكلـَّمُ، الأبُ تكلـَّم، الأب وأنا واحد. تذكري قبل كل شئ تأتي المحبَّةُ ومغفِرة الواحدِ للأخر. تعالي الأن، إتبعيني."
وإذ مشينا، كانت أرواح شريرة تهرب من حضور الرَّب. بكيتُ، "يا اللَّه، يا اللَّه. ما هي الخطوة التالية؟"
كما قلت سابقاً كانت لي كل أحاسيسي في الجحيم. كل الموجودين في الجحيم لهم كل أحاسيسهم. أحاسيسي كانت تعمل الأن بقوة كاملة. كان الخوف في كل جهة. وترصدت أخطار مُتعذِر وصفها في كل مكان. كل خطوة خطوتها كانت أكثر فضاعة من سابقتها.
كانت هناك مداخِلَ بحجم النوافذ الصغيرة، تـُفتح وتـُغلق بسرعة في قمة النفق. ملئت الصرخات الهواء فيما كان العديد من المخلوقات الشريرة الطائرة تجتازنا، فوق وخارج مداخِل الجحيم. كنَّا تقريباً في نهاية النفق. كنتُ أرتعِدُ خوفاً بسبب الخطر والخوف حولنا.
إني لشاكرة لحماية يسوع. أشكرُ اللَّه لقوته العظيمة لحمايتنا حتى في حُفر الجحيم. لكني حتى بوجود درع الحماية كنتُ لا أزال أفكرُ بالقول: ليس مشيئتي بل لتكن مشيئتك.
نظرت الى جسدي، ولاحظت للمرة الأولى بأنني في هيئة روح، وشكلي كان في شكل نفسي. تسائلتُ ماذا سأرى بعد.
خرجنا، يسوع وأنا، من النفق الى طريق صفوف عريضة من الارض تتواجد على جانبيها حُفر نارٍ في كل مكان بقدر ما استطاعت عيني رؤيته. كانت الحفرة بقطر أربعة أقدام وعمق ثلاثة أقدام تُشبه طاسةً. قال يسوع، "هناك العديد من الحُفر في الساق اليسرى للجحيم. تعالي، سأُريكِ البعض منها."
وقفت بجانب يسوع على الطريق ونظرتُ الى داخِل إحدى الحُفر. كان الكبريت مطموراً في جانب الحفرة ومُتوهِجـاً بلون أحمر مثل الفحم المُحمّى بالنـار. وكان في مركز الحفرة نفسٌ مفقـودة ماتت وذهبت الى الجحيم. وإبتدأت النيران في أسفل الحفرة تكتسح صاعدة ومغطيّة تلك النفس المفقودة في اللَّهيب. وللتو خمدت النيران متحولة الى جمرٍ، وجالبةً صوتاً صاخباً إكتسح النفسَ المُعذبة في الحفرة.
نظرتُ ورأيتُ تلك النفس المفقودة في الحفرة وهي محبوسة داخل شكل هيكلي. فبكيتُ للمنظر وقلتُ، "أليس بإمكانِكَ ان تتركهم يخرجون؟" وفكرتُ، "كم مريع هذا المنظر، هذا كان ممكناً ان أكون أنا، قلتُ، "يا رب كم مُحزنٌ رؤية ومعرفة وجود نفس حيّة هناك"
سمعتُ بكاء من مركز الحفرة الأولى، رأيتُ نفساً على شكل هيكل عظمي تقول، "يا يسوع إرحمني!"
قلتُ، "أوه يا رب،" كان صوت إمرأة. نظرتُ إليها وأردتُ سحبها من النار. كسر منظرها قلبي.
وتكلـَّم الشكل الهيكلي للمرأة المغطى بغشاوة رمادية قذرة مع الرَّب يسوع. إستمعتُ إليها وأنا منصدِمة. كان اللحم الفاسد يتدلى من عظامها، وإذ إحترق، تساقط الى قاع الحفرة. ونظرتُ في موقع العيون وإذ تجاويفَ فارِغة فقط.
بدأ النار عند قدميها بشكل لهيب صغير، ثم إزدادت شدته حين تسلقت النفس نحو الأعلى وغمر كل جسدها. بدا لي أن المرأة تحترق بشكل متواصل، حتى عندما صار اللهيب جمراً. وأتت من أعماقها صرخات وأهات يأس قائلة، "يا رب، يا رب، أُريد الخروج من هنا!"
إستمرَّت بمد يدها الى يسوع. نظرتُ الى يسوع، كان هناك حزناً عظيماً على وجهه. قال يسوع لي، "يا طفلتي، أنتِ هنا معي لتدعي العالم يعلم ان عاقبة الخطيئة هو موت. هذا الجحيم حقيقي."
نظرتُ الى المرأة ثانية ورأيتُ ديدان تزحفُ خارِجة من عظام هيكلها العظمي، لكنها لم تتأذى بالنار. قال يسوع، "تعرِفُ وتشعرُ بتلك الديدان في داخلها."
بكيتُ إذ واصل النار ذروته، وبدأ إحتراق مريع من جديد، فقلتُ، "يا اللَّه رحمتك."
هزَّت الصرخات العظيمة والتنهدات العميقة شَكل هذه النفس. لقد فـُقِدَت. ليس هناك من مخرج. قلتُ بصوت خفيض إذ كنتُ خائفة جداً، "يا يسوع، لماذا هي هنا؟"
قال يسوع، "تعالي."
كان الطريق الذي كنَّا فيه على شكل دائري، يلفُّ جيئة وذهاباً بين حُفر النار هذه بقدر ما إستطعت رؤيته. إختلطت نداءات الموتى الأحياء بصيحات قبيحة وعويل، وصل الى سمعي من كل الإتجاهات. لم تكن هناك أوقاتاً هادئة في الجحيم. كانت رائحة الموت واللحم الفاسِد تملأ الهواء بشكل كثيف.
جئنا الى حفرة أخرى. وفي هذه الحفرة التي كانت بحجم السابِقة، كان شكل هيكلي أخر. سمِعتُ بكاء رجل من الحفرة قائلاً، "يا رب، إرحمني!" كنتُ أُميّزَ النفوسَ رجلاً أم إمرأة حينما تتكلمُ النفس.
خرجت تنهدات وعويل عظيم من الرجل قائلاً، "أنا أسف جداً، يا يسوع. إغفر لي. إخرجني من هنا. إنني في مكان العذاب هذا سنوات عديدة. أتوسل إليك دعني أخرج!" هزَّت تنهداته العظيمة إطاره الهيكلي عندما إستجدى. وإستمرَّ، "إرجوك، يا يسوع، دعني أخرج!" نظرتُ الى يسوع ورأيتـُه يبكي أيضاً.
وصرخ الرجل من الحفرة المحترقة، "يا رب يسوع، ألم أُعاني بما فيه الكفاية من أجل خطاياي؟ لقد مرَّت أربعون سنة على موتي."
قال يسوع، "مكتوبٌ أنَّ البار بالإيمان يحيا!، كل مستهزئ وملحد له نصيبه في بحيرة النار. لم تـُصدِّق الحق. كثيرون من الناس أُرسِلوا إليكَ ليُرينكَ الطريق، لكنك لم تستمع إليهم. سخرتَ منهم ورفضتَ الإنجيل. بالرغم من مَوتي على الصليب من أجلك. هزأتَ بي ولم تندم عن خطاياك. أبي أعطاك فُرصاً عديدة لكي تخلص. لو إستمعت فقط!" عندها بكى يسوع.
قال الرجل باكياً، "يا رب أعرِف. لكني أندم الأن."
قال يسوع، "فات الوقت، حُكمٌ وضِع."
إستمرَّ الرجل، "با رب، البعض من أقربائي أتين الى هنا لأنهم لم يندموا أيضاً. أرجوك يا رب دعني أذهب وأُخبِرهم بأنه ينبغي عليهم ان يتوبوا عن خطاياهم فيما لا يزالون على الأرض. أنا لا أُريدهم أن يأتوا الى هنا."
قال يسوع، "عندهم وعاظ، معلمون وشيوخ، جميعهم يكرِز بالإنجيل. هم سيُخبرونهم. لديهم فوائد أنظِمة الإتصالات الحديثة أيضاً والعديـد من الطرق الأخرى ليتعلمـوا عنّي. أرسلتُ الفعلةَ إليهـم لكي يؤمنوا ويخلصوا. إن لم يؤمنوا حين سماعِهم الإنجيل فإنهم لن يقتنعوا حتى لو قام واحداً من بين الأموات."
عند ذاك، ملكَ الرجل غضباً فإبتدأ باللعنة وخرجت منه كلمات شريرة ومُجدِّفة. نظرتُ وأنا مرتعبة إذ غمر اللهيب ذلك الرجل، وبدأ لحم فاسِد يتساقط منه. داخل هذا الهيكل الميّت للرجل، رأيتُ النفسَ. بدتِ النفسُ مثل غشاوة رمادية قذرة ملئت هيكله العظمي.
إلتفتُّ الى يسوع باكية، "يا رب، ياله من أمر رهيب!"
قال يسوع، "الجحيم حقيقي والحُكمُ حقيقي. أُحبهم كثيراً يا طفلتي. هذه بداية الأشياء المخيفة التي ينبغي أن أُريكِ إياها، هناك أكثر بكثير ما هو قادِم."
"إخبري العالم مِن قِبلي أن الجحيم مكان حقيقي وأن الرجال والنساء يجب ان يتوبوا عن خطاياهم. تعالي، إتبعيني. علينا أن نستمر."
كان في الحفرة الأخرى إمرأة ذو هيئة صغيرة، تبين لي أنها بعمر ثمانين عاماً. لا أستطيع أن أقول إنني عرِفتُ عمرها، لكني عرِفتُ. كان الجلد قد أُزيل عن عظامها باللهيب المستمر. كل ما تبقى منها كان عظام وغشاوة نفسٍ قذرة داخلها. راقبتها فيما كان النار يحرقها. ثم لاحظتُ عظاماً فقط مع ديدان تزحفُ داخلها، لكن النار لم تستطع حرقَ الديدان.
بكيتُ، "يا رب، ما أفظع هذا! لا أعرف إن كنت أستطيع الإستمرار لأن هذا فظيع جداً غير ممكن تصوّره." وبقدر ما إستطاعت عيني رؤيته كان نفوسٌ تحترقُ في حُفر النار.
أجاب يسوع، "لهذا أنتِ هنا، يجب ان تعرفي وتـُخبري العالم عن حقيقة الجحيم. السماء حقيقة! الجحيم حقيقي! تعالي، يجب ان نستمر."
نظرتُ إلى الوراء نحو المرأة. كانت ندِاءاتها حزينة جداً. وإذ كنتُ أُراقِبُها، رأيتها تضع يديها العظميةِ معاً، كما لو أنها تصلي. لم أستطع مسكَ نفسي عن البكاء. كنتُ بهيئة روح وأنا باكية. عرِفتُ بأن الناس في الجحيم يشعرون بكل هذه الأشياء أيضاً.
عرِفَ يسوع أفكاري، فقال، "نعم يشعرون، يا طفلتي، حينما يأتي الناس الى هنا، لديهم ذات المشاعر والأفكار كما كانوا على الأرض. يتذكرون عائلاتهم وأصدقائهم. كانت لهم الفرصة في كل الأوقات للتوبة لكنهم رفضوا ذلك. الذاكِرة دائماً معهم. فقط لو أمنوا بالإنجيل وتابوا قبل فوات الوقت."
نظرتُ الى المرأة العجوز مرة أخرى، عند هذا الوقت لاحظتُ بأنه كان لها ساق واحدة. وبدا أن ثقوباً حُفِرت في عظام وركِها. سألت، "ما هذه يا يسوع؟"
قال، "يا طفلتي، بينما كانت على الأرض، كان عندها سرطان وكانت في ألمٍ شديد. عُمِلت لها جراحة لإنقاذ حياتها. كانت في مرارة إمرأة عجوز لسنوات عديدة. جاء العديد من أولادي للصلاة من أجلها ولإخبارها أنه بإستطاعتي شِفائِها. قالت، "اللَّه عَمِل هذا لي." لم تتـُب ولم تؤمن بالإنجيل. حتى أنها عرفتني مرةً، لكن مع مرور الوقت صارت تكرهني."
"قالت بأنها ليست بحاجة الى اللَّه ولم ترِد أن أشفيها. رغم ذلك ناشدتها وكنت لا أزال أُريد مساعدتها، أُريد شفائها وبركتها. لكنها رفضتني ولعنتني. قالت بأنها لا تريدني. ناشدتها بروحي حتى بعد رفِضها لي، إذ كنتُ لا أزالُ أُحاوِلُ سحبها بروحي، لكنها لم تستمع. أخيراً ماتت وجاءت الى هنا."
صرخت المرأة العجوز الى يسوع، "يا رب يسوع، أرجوك إغفر لي الأن. إني أسفة بأني لم أندم حينما كنتُ على الأرض." وبتنهدات عظيمة صرخت الى يسوع قائلة، "لو تـُبتُ قبل فوات الاوان يا رب، ساعدني لأخرج من هنا. أنا سأخدِمُك. أنا إنسانة جيدة. ألم أُعاني بما فيه الكفاية؟ لماذا إنتظرتُ حتى فات الوقت؟ أه، لماذا إنتظرتُ حتى توقفت روحِكَ عن الكِفاح معي؟"
قال يسوع لها، "كانت لديك فرصة تلو الأخرى لتتوبي وتخدميني." بان الحزنُ على وجه يسوع فيما كنّا ننصرف.
وفيما راقبت بكاء المرأة العجوز، سألتُ، "يا رب، ما هي الخطوة التالية؟"
كنتُ أشعر بخوف شامل حولي. كان الحزن ونداءات الألم وجو الموت في كل مكان. مشينا، يسوع وأنا، في أسى وشفقة الى الحفرة التالية. أمكنني الإستمرار بواسطة قوته فقط. ولمسافة عظيمة كنتُ لا أزالُ أسمع نداءات المرأة العجوز وهي تطلب المغفرة. لو كان بإمكاني عمل أي شئ لمساعدتها. فكرتُ، أيها الخطاة رجاء لا تنتظِروا حتى يترك روح اللَّه الكِفاح معكُم.
في الحفرة التالية رأيت إمرأة على رُكبتيها، كما لو كانت تبحث عن شئ. كان شكلها الهيكلي ملئ بالثقوب. كان بإمكاني النظر من خلال عِظامها وكانت ملابسها الممزقة تحترق. ورأسها كان أصلعاً، وفي أماكن يُفترَضُ وجود عيون وأنف وجدتُ ثقوباً. كانت نار قليلة تحترق حول أقدامها وهي ساجِدة. كانت تخمش جوانب حفرة الكبريت. فألهب النار يديها، وكان لحم ميّت لا يزال يتساقط منها وهي مستمرة في الحَفرِ.
هزَّتها تنهداتها العظيمة. بكت قائلة، "يا إلَهي، يا إلَهي، أُريد الخروج." وفيما كنا نراقبها، كانت قد وصلت أخيراً الى قمة الحفرة بأقدامها. إعتَقدتُ بأنها ستخرج من الحفرة حين رأيتُ شيطاناً كبيراً بأجنحة عظيمة، بدت مكسورةً عِند قِمتها ومتدلية عند جانبيها، وكان لونه أسود الى رمادي، وله شعرٌ في جميع أنحاء شكله الضخم. كانت عيونه في مؤخرة رأسه، كان بحجم دب أمريكي كبير، أسرع نحو المرأة ودفعها بقوة الى الوراء فسقطت في الحفرة والنار. راقبتُ سقوطها وأنا مرتعِبة. شعرتُ بأسف شديد عليها. أردتُ أخذها الى حضني ومسكها وأن أطلب من اللَّه شِفائها وإخراجها من هناك.
عرِف يسوع أفكاري فقال، "يا طفلتي، حُكمٌ وضِع. اللَّه تكلـَّم. حتى حينما كانت طفلاً، دعوتها ودعوتها للتوبة ولخدمتي. عندما كانت بعمر ستة عشر سنة، جئت إليها وقلت لها، أُحِبُّكِ، أعطِ حياتكِ لي، وتعالي إتبعيني لأن لي دعوة لكِ لغرض خاص. دعوتها كل حياتها، لكنها لم تستمع. قالت، يوماً ما سأخدِمُك. ليس لي وقتٌ لكَ الأن. لا وقت، لا وقت، لي حياتي المَرحة. لا وقت، لا وقتَ لخدمتِكَ يا يسوع، غداً سأفعل ذلك."
ولم يأتي الغد لأنها إنتظرت فترةً طويلة جداً.
صرخت المرأة الى يسوع، "نفسي في العذاب حقاً. ليس هناك مخرج. أعرِفُ بأنني أردتُ العالم بدلاً عنك، يا رب. أردتُ الغِنى والشهرة والثروة وحصلتُ عليها. كان بإمكاني شراء أي شئ أُريده، كنتُ رئيس عملي الخاص. كنتُ الأجمل، وكنتُ ألبس أفخر الملابس في وقتي. كان عندي الغِنى والشهرة والثروة، لكني وجدتُ أنه لا أستطيع أن أخذهم معي عند موتي. يا رب، الجحيم مريع. لا أجدُ راحة لا في الليل ولا في النهار. إنني دوماً في ألمٍ وعذاب. ساعدني يا رب."
نظرت المرأة الى يسوع بشوق وقالت، "يا رب الطيب، لو إستمعتُ إليك! سأندمُ على ذلك الى الأبد. خططتُ لخدمتِكَ يوماً ما حينما أستعِد لذلك. إعتقدتُ بأنك دوماً ستكون لي هناك. لكن كم أخطأتُ أنا. كنتُ واحدِة من أكثر النساء المرغوبات في وقتي لجمـالي. كنتُ أعرِفُ ان اللَّه كان يدعوني للتوبة. كان يسحبني طوال حياتي بحبال الحُبِّ. أه، إستغلتُ اللَّه! حاولَ بجَدٍّ الحصول عليَّ لخدمتِه، فيما كنتُ طوال الوقت أعتقدُ بأنني لم أكن بحاجة إليه. أه، كم أخطأتُ، لأن إبليس بدأ بإستغلالي وبدأتُ بخدمة إبليس أكثر فأكثر. وفي النهاية أحببتهُ أكثر من اللَّه. أحببتُ الخطيئة ولم أتـّجه الى اللَّه.
وإستمرَّت، "إستخدم إبليس جمالي ومالي، وإتجهت كل أفكاري نحو حجم القدرة التي سيُعطيني إياها. رغم ذلك، واصل اللَّه سحبي. لكني إعتقدتُ، بأنه لدي يوم غدٍ او اليوم التالي. ثم في يوم ما بينما كنتُ راكبة في سيارة، دخل سائقي بالسبارة في بيتٍ، وقـُتِلتُ هناك. يا رب أرجوك إتركني أخرج."
فيما كانت تتكلم كانت يديها وذراعيها ممدودتان الى يسوع والنيران تواصِلُ حَرقها.
قال يسوع، "حُكمٌ وضِع."
سقطت دموع على خدوده فيما إنتقلنا الى الحفرة التالية. كنتُ أبكي في داخلي عن مدى الرعب الموجود في الجحيم وقلتُ، "يا عزيزي الرَّب، العذاب حقيقي جداً. عندما تأتي نفس الى هنا، لا أمل لها، لا حياة، لا محبَّة، الجحيم حقيقي جداً." فكرتُ، لا مَخرج لها، يجب ان تحترق في هذه النيران الى الأبد.
قال يسوع، "الوقت ينقضي، سنرجع غداً."
ياصديق، إن كُنت تعيش في الخطيئة، أرجوك تُب. إن كُنت مولوداً ثانية وإنحرفت عن اللَّه، تـُب وعُد إليه الأن. عِش حياة جيدة وإسند الحق. إستيقظ قبل فوات الأوان، فبإمكانك ان تقضي الأبدية مع الرَّب في السماء.
تكلَّم يسوع ثانية، "الجحيم له جسد مثل جسد الإنسان، يستند على ظهره في مركز الأرض. الجحيم مُشكـَّلٌ مثل جسد إنسان ضخم جداً وله العديد من غُرَف العذاب."
"تذكري أن تـُخبري الناس على الأرض بأن الجحيم حقيقي. تتواجد الملايين من النفوس المفقودة هنا، وكل يوم تأتي نفوس أكثر وأكثر. في يوم الحساب العظيم فإن الموت والجحيم يُلقيان في بحيرة النار، ذلك سيكون الموتُ الثاني."
الفصل الثالث
الساق اليمنى للجحيم
لم أستطع النوم ولا الأكل منذ مجيئي من الجحيم في الليلة السابقة. كل يوم كنتُ أعيش الجحيم. كنتُ حينما أغلق عيوني، كل ما كنتُ أراه كان جحيماً. أذاني لم تستطع ان تمنع نِداءات الهالكين. مثل برنامج تلفزيوني كنت أتذكر تكراراً كل الأشياء التي شاهدتها في الجحيم. كل ليلة كنتُ في الجحيم وفي النهار كنتُ منهمكة في إيجاد الكلمات المناسبة من أجل جلب هذا الشئ المخيف الى كل العالم.
ظهر يسوع لي ثانية وقال، "يا طفلتي، هذه الليلة سندخل الساق اليمنى للجحيم. لا تخافي لأني أُحِبُّكِ وإني معكِ."
كان وجه الرَّب حزيناً. كانت عيونه مليئة بالحنان العظيم والحب العميق. ومع أن أؤلئك الذين في الجحيم فـُقِدوا الى الأبد، إلا إني عرِفتُ بأنه ما زال يُحِبُّهم إلى الأبد.
قال، "يا طفلتي، اللَّه، أبانا، أعطى لكل واحد منـَّا الإرادة لكي نتمكن الإختيارَ إما خِدمته أو خِدمة إبليس. لاحظي أن اللَّه لم يعمل الجحيم لشعبه. إبليس يخدع الكثيرين لكي يتبعونه، لكن الجحيم جُعِلت للشيطان وملائكته. ليست رغبتي ولا رغبة أبي أن يهلِكَ أحدٌ." تدفقت دموع الشفقة على خدود يسوع حين قال ذلك.
ثم تكلـَّم ثانية، "تذكري كلماتي في الأيام القادمة وأنا أُريكِ الجحيم. لي كل القوة في السماء والأرض. سيبدو لكِ في بعض الأحيـان بأني تركتـُكِ، لكني لا أفعـل ذلك. بعض الأحيان سترانا القوات الشـريرة والنفوس المفقودة، وفي أحيان أخرى لن يرونا. فأينما نذهب، كوني بسلام ولا تخافي عند متابعتي."
إستمرنا ثانية. كنت أتبعهُ عن كثب وأنا خلفه باكية. لقد بكيتُ لأيام عديدة إذ لم أستطع أن أتخلـَّص من حضور الجحيم الذي كان قدامي. كنتُ أبكي في داخلي أغلب الأحيان. نفسي كانت حزينة جداً.
وصلنا الى الساق اليمنى للجحيم. وناظراً للأمام، رأيتُ بأننا كنـَّا على ممر جاف ومحروق. ملئت الصيحات الهواء القذر، ورائحة الموت الكريهة كانت في كل مكان. كانت الرائحة كريهة أحياناً حتى أنها أمرضتني في معدتي. كان الظلام في كل مكان ما عدا النور الذي كان ينبثق من المسيح ومن الحُفر الملتهبة التي شكَّلت نقاطاً لمنظر طبيعي بقدر ما أستطاعت عيني رؤيته.
وفي ذات الوقت كانت شياطين من جميع الأنواع تجتازنا. هدرت العفاريت فيما كانت تجتازنا. كانت الأرواح الشيطانية من جميع الأحجام والأشكال تتكلم مع بعضها البعض. وكان قدامنا شيطان كبير يُعطي الأوامِرَ لشياطين صغيرة. توقفنا للإستماع. قال يسوع، "هناك جيش مخفي من القوات الشريرة ليست هي ههنا، هي أرواح شريرة مختصة بالمرض."
قال الشيطان الكبير للعفاريت والشياطين الصغيرة، "إذهبوا، إعملوا العديد من الأمور الشريرة. فرِّقوا البيوت وحطِّموا العائلات. إغْوو المسيحيين الضعفـاء، وخرِّبـوا الإرشـادات وضلِلـوا ما بإستطاعتكم. وستحوزون على مكافأة عندما تعودون."
وأضاف، "تذكروا، يجب ان تكونوا حذرين من أؤلئك الذين قبِلوا يسوع بصدقٍ كمُخلـَّص لهُم. لديهم القدرة على طردِكُم. إذهبوا الأن عِبر الأرض. إذ لي الكثير من الأخرين هناك وما زال لي أخرون للإرسال. تذكروا، نحن خدام أمير الظلام وسلاطين الهواء."
وعند ذلك، بدأت الأشكال الشريرة بالمغادرة خارِجةً من الجحيم. وإنفتحت أبواب في قمة الساق اليمنى للجحيم وإنغلقت بسرعة لِتدعهم يخرجون. كما إرتفع البعضُ خارجـاً من القمع الذي كنَّـا قد دخلنا فيه.
سأحاوِلُ وصف شكل هذه الكائنات الشريرة. فالذي كان يتكلم كان ضخماً جداً، بحجم دب أمريكي، رمادي اللون، له رأس كالخفاش وعيونه كانت موضوعة بعيداً الى الخلف من وجهه المُشعّر، وشعرٌ كثيف على ذراعيه، وأنياب خارجة من وجهه المُشعّر.
وواحدٌ أخر كان صغيراً مثل قرد بأذرع طويلة جداً، وجهه كان صغيراً جداً وله إنف مستدق، ولم أرى فيه أيِّ عيون في أي مكان من جسمه.
وواحدٌ أخر كان له رأس كبير، أذان كبيرة وذيل طويل، فيما كان أخرٌ كالحصان وله جلد ناعم. منظر هذه الشياطين والأرواح الشريرة والرائحة الفظيعة الخارِجة منها أمرضتني في معدتي. في أي مكان وقعت عيني كنتُ أرى شياطيناً. أكبرُ هذه الشياطين كما علِمت من الرَّب، كانت تستلم أوامرها من إبليس.
مشيتُ، يسوع وأنا، الى أسفل الممر حتى وصلنا الى الحفرة التالية. كانت نِداءات الألم، أصوات أسى غير قابلة للنسيان، في كل مكان. وفكرتُ، يا رب، ما هي الخطوة التالية؟
مشينا مباشرة مجتازين بعضاً من الكائنات الشريرة، التي كما يبدو لم ترانا، وتوقفنا عند حُفرة أخرى من النار والكبريت. وكان في هذه الحفرة رجل ضخم. سمعتهُ يكرِز بالإنجيل. نظرتُ بدهشة الى يسوع لأخذِ جوابٍ، لأنه دوماً يعرف أفكاري. قال، "عندما كان هذا الرجل على الأرض كان كارزاً للإنجيل. في فترة ما تكلم الحق وخدمني."
تسائلتُ ماذا يفعلُ هذا الرجل في الجحيم. كان بطول ستة أقدام تقريباً، وهيكله العظمي كان قذراً، لونه رمادي، مثل بلاطة ضريح. كانت أجزاء من ملابسه ما تزال معلقةً عليه. تسائلتُ لماذا تركت النيرانُ ملابسه الممزقة والرثـَّة ولم تـُحرِقها. كان اللحم المحترق يتدلى منه، وبدت جمجمته وكأنها مُلتهبة بالنيران. وكانت رائحة فظيعة تخرج منه.
راقبتُ الرجل وهو يمدُّ يديه وكأنه كان يحمل كتاباً وبدأ بقراءة أيات من كتاب إيمان من صُنعِهِ. ثم تذكرت ثانية ما قاله يسوع لي: "لديكِ كل أحاسيسكِ في الجحيم، وإحساسك أقوى هنا."
قرأ الرجل أيات وأيات، وأنا إعتقدتُ بأنه كان جيداً. قال يسوع للرجل ومحبَّة عظيمة في صوته، "سلام، إهدأ." وفي الحال توقف الرجل عن الكلام وإتجه بنظره الى يسوع.
رأيتُ نفس هذا الرجل داخل شكل هيكلي. قال للرب، "يا رب، إنني أكرِز الحق هنا لكل الناس. يا رب، أنا مستعِدٌ الأن للذهاب وإخبار الأخرين عن هذا المكـان. أعرِفُ أنه حينما كنتُ على الأرض، لم أؤمن بوجود الجحيم، ولم أؤمن بأنك أتٍ ثانية. هذا ما أراد الناس سماعه، وأنا ساومتُ الحقَّ مع الناس في كنيستي."
وأضاف، "أعرف بأنني لم أُحِبَّ أيَّ واحدٍ مختلفٍ في الجنس او لون البشرة، كنتُ السبب في إنحراف الكثيرين عنك وعمِلتُ قوانيني الخاصة عن السماء وعن الصواب والخطأ. أعرِف إني قـُدت الكثيرين للضلال، وكنتُ السبب في عثرة كثيرين بخصوص كلمتك المقدسة، وأخذتُ مالاً من الفقراء. لكن يا رب دعني أخرج، سأعملُ الصواب حقاً. لن أخذ مالاً من الكنيسة بعد الأن. أنا ندمتُ حقاً، وسأُحِبُّ الناس من كل جِنسٍ ولون."
قال يسوع، "أنت لم تـُشوِّه وتـُسئ فقط الى كلمة اللَّه المقدسة، بل كذبتَ أيضاً عن عدم معرِفتِكَ الحق. مُتع الحياة كانت أكثر أهمية لديك من الحق. زُرتكَ بنفسي وحاولتُ إرجاعكَ، لكنك لم تستمع. بل إستمرت في طريقك وصار الشَّر سيّدِكَ. عرفت الحق، لكنك لم تتب ولم ترجع إليَّ. كنتُ دائماً هناك. إنتظرتك. أردتك ان تتب، لكنك لم تتب والأن وضِع الحُكمُ."
كانت الشفقة على وجه يسوع. عرفتُ أنه لو إستمع الرجل الى نِداء المُخلـَّص، لما وجِد هنا الأن. أيها الناس، إصغوا رجاءً.
تكلم يسوع ثانية مع المرتدي، "كان عليك أن تقولَ الحقَّ لكنت أرجعتَ الكثيرين للبِر بكلمة اللَّه التي تقول بأن كل الملحدين سيكون نصيبهم في البحيرة التي تحترق بالنار والكبريت."
وأضاف يسوع، "عرِفتَ طريق الصليب. عرِفتَ طريق البِر. كنتَ تعلَمَ الكلام عن الحق، لكن إبليس ملأ قلبك بالأكاذيب، فدخلتَ في الخطيئة. كان عليك أن تتوب بإخلاص، وليس نصف الطريق. كلمتي حق ولا تكذب. والأن فات الوقت، فات الوقت."
عند ذاك، هزَّ الرجل قبضته نحو يسوع وبدأ يلعنهُ.
وبأسى مشينا، يسوع وأنا، الى الحفرة التالية. كان الواعظ المُرتد لا يزال يلعن موجِهاً غضبه على يسوع. وفيما كنَّا نتجاوز حُفر النار، كانت أيدي المفقودين تمتد الى يسوع، أصوات إلتماس تصيح طالبة الرحمة. كانت أياديهم العظمية وأذرعهم ذات لون أسود الى رمادي بسبب الإحتراق إذ لم يتواجد فيهم لحم حي او دم أو أعضاء، تواجد الموت والموتى. كنت أبكي في داخلي، يا أرض توبي. إن لم تتوبي ستأتين الى هنا. توقفي قبل فوات الأوان.
توقفنا عند الحفرة التالية. شعرتُ بشفقة على جميعهم، ومسكني أسى عميق إذ كنتُ ضعيفة جسدياً وبالكاد إستطعت الوقوف. تنهدات عظيمة هزّتني، فقلتُ، "يا يسوع إنني متأذية في داخلي جداً."
خرج صوتُ إمرأة من الحفرة موجهاً ليسوع. كانت المرأة تقِفُ في مركز النيران وكانت النيران تُغطي كل جسدها. كانت عظامها مليئة بالديدان واللحم الميّت. وفيما كانت النيران تشتعل حولها، رفعت يديها نحو يسوع وهي باكية، "دعني أخرج من هنا. سأُعطيك قلبي الأن، يا يسوع. سأُخبر الأخرين عن مغفرتكَ. سأشهد لك. أتوسل إليك. رجاء دعني أخرج من هنا!"
قال يسوع، "كلمتي حق، وهي تعلنُ بأنه على الجميع ان يتوبوا ويرجعوا عن خطاياهم ويطلبوا مني أن أتي الى حياتهم إن لم يريدوا المجئ الى هذا المكان. هناك مغفرة للخطايا من خلال دمي، أنا أمينٌ وعادل وسأغفِرُ لكل أؤلئك الذين يأتون إليَّ. ولن أطردهم."
ثم دار بنظره الى المرأة وقال، "إن إستمعتِ إليَّ وجئت إليَّ وندمت، لغَفرتُ لكِ."
سألتْ المرأة، "يا رب هل هناك أي مخرج من هنا؟"
تكلَّم يسوع بصوت هادئ، "يا إمرأة أُعطيتكِ العديد من الفرص للتوبة، لكنك قسّيتِ قلبكِ، عرفتِ كلمتي بأن كل المتاجرين بالعهارة سيكون نصيبهم في بحيرة النار."
دار يسوع وجهه نحوي وقال، "هذه المرأة كانت لها علاقات أثيمة مع العديد من الرجال، وسببت في تفكيك العديد من البيوت. رغم ذلك كنتُ ما أزال أُحِبُّها. جئتُ إليها لا للإدانة بل للخلاص. أرسلتُ العديد من خدامي إليها لكي تتب عن طرقها الشريرة، لكنها لم تقبل. حينما كانت شابة، دعوتها، لكنها إستمرت في عمل الشَّر. عَمَلَت الكثير من الأذى، رغم ذلك كنتُ سأغفرُ لها إذا جاءت لي. إبليس دخل فيها، نَمَتْ فيها المرارة ولم تغفِر للأخرين."
"ذهبتْ الى الكنيسة للحصول على الرجال فقط. وجدتهم وأغوتهم. لو كانت قد جاءت إليَّ لغسلتُ خطاياها بدمي. جزء منها كان يطلبُ خدمتي، لكنَكِ لا تستطيعي أن تخدمي اللَّه وإبليس في أن واحد. كل شخص لديه الإختيار لمَنْ سيخدم."
بكيتُ قائلة، "يا رب أعطِني القوة للإستمرار." كنتُ أهتزُّ من رأسي الى قدمي من رُعب الجحيم.
قال يسوع لي، "سلام، إهدأي"
بكيتُ، "يا رب ساعدني" وأضفتُ، "إبليس لا يريدنا ان نعرف الحقيقة عن الجحيم. في كل أحلامي لم أُفكر بأن الجحيم سيكون هكذا. عزيزي يسوع، متى ستكون النهاية؟"
أجاب يسوع، "الأبُ فقط يعرف متى ستكون النهاية." ثم تكلم ثانية وقال، "سلام، إهدأي". حينئذ جائتني قوةٌ عظيمة.
مشينا، يسوع وأنا، عِبر الحُفر. كنتُ أُريد سحب كل شخص إجتزته من النار وأسرِعْ به عند قدمي يسوع. بكيتُ في داخلي كثيراً. فكرتُ في نفسي، لا أريدُ أطفالي أن يأتوا الى هنا أبداً.
وأخيراً دار يسوع نحوي وقال بصوت هادئ، "يا طفلتي، سنذهب الى بيتك الأن. ليلة الغد سنعود الى هذا الجزء من الجحيم."
وفي بيتي بكيتُ وبكيت. وكنتُ أثناء النهار أتذكر تِكراراً الجحيم ورعب أؤلئك الناس هناك. أخبرتُ كل شخص قابلته خلال النهار عما يجري في الجحيم. أخبرتهم بأن ألم الجحيم لا يُمكِن تصديقه.
كُل من قرأ هذا الكتاب، رجاء، أتوسل إليك، تب عن خطاياك. إدعو يسوع واطلب منه ان ينقذك، ادعوه اليوم. لا تنتظر يوم غد. قد لا يجئ الغد. الوقت يمر بسرعة. إركع على رُكبتيك وتطهَّر من خطاياك. كونوا خيّرين الواحد للأخر. وإكراماً ليسوع كونوا لطيفين وليغفِرَ الواحِد للأخر.
إن كنتَ غاضباً مع شخص ما، إغفر له. لا غضبٌ يساوي الذهاب الى الجحيم. كُن غفوراً كما غفر المسيح خطايانا. يسوع قادر على حمايتنا إن كان لنا قلبٌ تائِب، وسيدع دمه يُطهِّرنا من كل خطيئة. أحِبُّوا أطفالكم، وأحِب جارك كنفسك.
يقول الرَّب للكنائس، "توبوا واخلصوا!"
الفصل الرابع
حُفر أكثر
في الليلة التالية ذهبنا، يسوع وأنا، ثانية الى الساق اليمنى للجحيم، رأيت كما في السابق محبَّة يسوع لهؤلاء النفوس المفقودة في الجحيم، وشعرتُ بحُبِّه لي ولكل هؤلاء الذين على الأرض.
قال لي، "يا طفلتي، ليست إرادة الأب أن يهلَكَ أيَّ واحدٍ، إبليس يخدع الكثيرين، وهم يتبعونه. لكن اللَّه غفور. اللّّه محبَّة. إن كان هؤلاء قد جاءوا حقاً الى الأب وتابوا لغفِرَ لهـم". غطَّى حنـان عظيم وجه يسوع حينما قال ذلك.
مشينا بين الحُفر الملتهبة وإجتزنا الكثير من النفوس المعذبـة من الذين وصفتهـم في وقت سابق. وفكرتُ "يا ربي، يا ربي، أي رعب هذا!". كنا نمشي مجتازين نفوساً كثيرة تحترق في الجحيم.
على طول الطريق كانت الأيادي المحترقة تمتد الى يسوع، كانت هناك عظام فقط إذ بات اللحم كتلة رمادية مع قصاصات لحم محترق وفاسِد. وكان داخل كل إطار شكلها الهيكلي دوماً نفسٌ عليها غشاوة رمادية قذرة داخل هيكل عظمي. يمكنني القول أنَّ صرخاتهم كانت تدل على إحساسهم بالنار والديدان والألم واليأس. ملئت صرخاتهم نفسي بحزنٍ عظيم جداً لا يمكنني وصفه. فكرتُ أنه لو إستمعوا فقط، لما كانوا هنا.
عرِفتُ أن لدى المفقودين في الجحيم كل أحساسيهم. تذكروا كل ما أُخبروا به. عرِفوا أنه لا مخرج لهم من النيران وبأنهم فقِدوا الى الأبد. رغم ذلك وبدون أمل، كانوا لا يزالون يأملون بِصراخِهِم إلى يسوع طالبين الرحمة.
توقفنا عند الحفرة التالية، كانت بالضبط مثل بقية الحُفر. في داخلها كان شِكل إمرأة، إذ عرِفتُ ذلك من صوتها. صرخت الى يسوع طالبةً إنقاذها من النيران.
نظر يسوع إلى المرأة وبمحبَّة قال، "حينما كنتِ على الأرض، دعوتكِ للمجئ إليَّ، ناشدتكِ على إستقامةِ قلبك معي قبل فوات الأوان. ُزرتكِ عدة مرات في ساعات منتصف الليل لأُخبِرُكِ عن حبي، ناشدتكِ، أحببتكِ، وجلبتكِ نحوي بروحي.
قلتِ، نعم يا رب، أنا سأتبعُكَ. بشِفاهكِ قلتِ إنكِ تحبينني لكن قلبكِ لم يعني ذلك. عرِفتُ أين كان قلبكِ. أرسلتُ دوماً رُسلي إليكِ لإخباركِ كي تتوبي عن خطاياك وتأتي إليَّ، لكنك لم تستمِعي لي. أردتُ إستخدامَكِ للكِرازة إلى الأخرين، لمساعدة الأخرين كي يجدونني. لكِنكِ أردتِ العالم ولم تريدينني. دعوتكِ، لكنكِ لم تستمِعي، ولم تندمي عن خطاياك."
قالت المرأة ليسوع، "هل تتذكر، يا رب، كيف ذهبتُ الى الكنيسة وكنتُ إمرأة جيدة. إنضممت الى الكنيسة، كنتُ عضو في كنيستِكَ. عرِفتُ أن دعوتكَ كانت لي. عرِفتُ انه عليَّ أن أُطيع دعوتك مهما كلَّف الأمر، وفعلتُ ذلك."
قال يسوع، "يا إمرأة، أنتِ لا زِلتِ مُمتلِئة بالأكاذيب والذنب. دعوتكِ، لكنكِ لم تستمِعي لي. نعم كُنتِ عُضواً في الكنيسة، لكن إنضمامك لكنيسة لا يُجلبك الى السماء. خطاياك كانت كثيرة، ولم تتوبي. جعلتِ أخرين يتعثرون بكلمتي. لم تغفري للأخرين عندمـا أسأءوا إليكِ. تظاهرتِ بحُبَّـكِ وبِخِدمتـكِ لي حينما كنتِ مع المسيحيين، ولكن حينمـا كنتِ بعيـداً عنهـم، فإنك كذبتِ، وخَدعتِ وسرقتِ. أعطيتِ إنتباهكِ لأرواح الإغواءِ وتمتعتِ بحياتكِ المزدوجة. كُنتِ تعرفين الإستقامة والطريق الضيّق."
"وكان لكِ لِسـان مزدوج. تحدثتِ عن إخوتـكِ وأخواتـكِ في المسيح. حكَمتِ عليهـم وفكّرتِ بأنـكِ أقدسَ منهم، فيما كان ذنبٌ عظيم في قلبكِ. هذا ما أعرِفهُ، إنكِ لم تستمعي الى روحي العَذب الملئ بالشفقة. كُنتِ تحكمين على الإنسان من الخارج، دون إعطاءَ إعتبار للحقيقة أنَّ الكثيرين منهم كانوا أطفالاً في الإيمان."
"نعم، قلتِ بأنكِ تحبيني بشِفاهكِ، لكن قلبكِ كان بعيداً عني. عرفتِ وفهمتِ طُرق الرَّب. لَعبتِ مع اللَّه، واللَّه يعلمُ كل الأشياء. إن كُنتِ خدمتِ اللَّه بِصدقٍ، لما كُنتِ هنا اليوم. لا تقدرين أن تخدمي إبليس واللَّه في أنٍّ واحد."
إلتفت يسوع إليَّ وقال، "سينحرِف الكثيرون عن الإيمان في الأيام الأخيرة، مُعطين إنتباهاً إلى الأرواح المغويةِ وخادِميـنَ للخطيئة. اخرجـوا من بينهـم، وإنفصلوا عنهـم. لا تمشـون في الطريق معهـم."
وفيما كُنـَّا ننصرِف، بدأت المرأة بلعنِ وشتمِ يسوع. كانت تصرخ وتبكي غاضبة. إستمرنا في المشي. شعرتُ بِضعف شديد في جسدي.
وكان في الحفرة التالية شِكل هيكل عظمي أخر. شممتُ رائحة الموت حتى قبل وصولنا إلى الحفرة. كان الهيكل العظمي هذا يُشابه الأخرين.
تسائلتُ ماذا فعلَتْ هذه النفسُ حتى فـُقدِت وباتت يائسة، بدون مستقبل عدا عن بقائها في هذا المكان المخيف طوال الأبدية. الجحيمُ أبديٌّ. وفيما كنتُ أسمع بُكاء النفوس في العذاب، كنت أبكي أنا أيضاً.
إستمعتُ فيما كانت المرأة تـُكلـِّم يسوع من داخل اللهيب في الحفرة. كانت تقتبسُ أياتٍ من كلمة اللَّه. فسألتُ "يا عزيزي الرَّب، ماذا تفعل هذه هنا؟"
قال يسوع، "إستمِعي"
قالت المرأة، "يسوع هو الطريق والحق والحياة. لا أحد يأتي الى الأب إلا به. يسوع هو نور العالم. تعال الى يسوع وهو سيُخلِّصك."
حينما تكلمت المرأة، كان العديد من النفوسِ المفقودة حواليها يستمعون إليها. قِسماً منهم كان يلعنُها. قسماً كان يطلبُ إليها أن تسكت. لكن قسماً أخر قال، "هل هناك أملٌ فعلاً؟" وقسماً أخر كان يقول، "يا يسوع ساعِدنا". نِداءات عظيمة من الأسى مَلئتْ الهواء.
لم أفهم ما الذي كان يجري. لم أعرِف لماذا كانت المرأة تكرِزُ بالأنجيل هناك.
عرِف الرَّب أفكاري فقال، "يا طفلتي، أنا دعوتُ هذه المرأة في عمر الثلاثين لِتكرِز بكلمتي وأن تكون شاهِدة للإنجيل. دعوتُ أخرين لأهدافٍ مختلفة في جسدي. ولكن، رجلٌ أم إمرأة، صبيٌّ أم فتاة، على السواء، لا يريد روحي. فإني أُغادِر.
"نعم، هي لَبَّتْ دعوتي لسنوات عديدة، ونمَت في معرِفة الرَّب. سمِعت صوتي، وفعلتْ العديد من الاعمالِ الحسنة لي. درسَتْ كلمة اللَّه. كانت تُصلي دائماً، والعديد من صلواتِها استجيبت. علَّمَتْ الكثير من الناس طريق القداسةِ. كانت أمينة في بيتها.
"مرت سنواتٌ حتى أتى اليوم الذي إكتشفتْ فيه أن زوجها كان على علاقةٍ مع إمرأة أخرى. ومع أنهُ طلب المَغفرة منها، إلا أن المرارة نمت فيها فلم تغفِر له وتحاول إنقاذ زواجها. نعم. زوجها كان على خطأ، وإنه إرتكب خطيئة عظيمة.
"لكن هذه المرأة كانت تعلمُ كلمتي. عرفتْ كيف تغفِر، وعلِمتْ أنه مع كُلَّ إغواءٍ هناك طريق للخروج. زوجها طلب المغفرة منها. لكنها لم تقبل. فبدلاًً عن ذلك، تجذر غضبها. ونما فيها الغضب. ولم تُسلِّم غضبها لي. بل صارت أكثر مَرارةٍ يوماً بعد يوم، وقالت في قلبها: أخدمُ اللَّه طوال الطريق، وزوجي يلاحِقُ إمرأة أخرى! وقالت لي: هل تعتقِد أن ذلك صواب؟"
"قلتُ لها، كلا. ليس ذلك صائباً. لكنه أتى إليكِ وندِم وقال بأنه لن يفعل ذلك مرة ثانية. يا إبنتي، انظُري داخِل نفسكِ، وسوف ترين بأنك سَبَبتِ هذا لنفسِكْ، لكنها قالت انا القديسة وهو الشرير." لم تستمع لي.
"مرَّ الوقتُ، ولم تعُد تُصلّي لي ولم تقرأ الإنجيل. صارت غاضِبة ليس فقط من زوجها بل أيضاً من الذين حولهُ. كانت تعرف أياتٍ من الكتاب المقدس عن غيب، لكنها لم تغفِر له."
" كما أنها لم تستمع لي. نمَتْ المرارة في قلبها، ودخلَتْ فيها خطيئة عظيمة. نما القتلُ في قلبها حيث مكانِ الحبُّ سابقاً. وفي يوم ما، قتلَتْ زوجها وقتلت المرأة الأخرى. سادَ عليها إبليس تماماً، فقتلَتْ نفسها."
نظرتُ الى تلك النفس المفقودة التي تخلـَّت عن المسيح وحكمَتْ على نفسها باللهيب والألم الى الأبد. إستمعتُ إليها فيما أجابت يسوع قائِلةً، "أنا سأغفر له الأن، يا رب: أخرجني من هنا. سأُطيعك الأن. أنظر يا رب. إني أكرِزُ بكلمتِكَ هنا. بعد ساعة ستأتي الشياطين وتأخُذني لكي يُعذبونني بصورةٍ أسوأ. لساعات طويلة سيُعذبونني. ولأني أكرِز بكلمتِك سيزيدونَ من عذابي أكثر. أرجوك، يا رب، أتوسل إليك اخرجني من هنا."
بكيتُ مع تلك المرأة الموجودةِ في الحفرة وطلبتُ الى الرَّب ان يحفظني مِن كل مرارة في قلبي قائلةً، "يا رب يسوع، لا تسمح لي أن يدخُلَ الحقد قلبي"
قال يسوع، "تعالي، لنذهب"
في الحفرة التالية كانت النفسُ رجلٌ مُغطـَّى في شكل هيكلي، صرخ هذا الى يسوع، "يا رب، ساعدني لأعرِفْ لماذا أنا هنا."
قال يسوع، "سلام، إهدأ. أنت تعلم لماذا أنت هنا."
توسَّل الرجل، "اخرحني من هنا، وسأكون أنساناً جيّداً"
قال الرَّب له، "حتى وأنتَ في الجحيم لا زِلتَ تكذِب."
إلتفت يسوع نحوي وقال، "هذا الرجل كان بعمر 23 عاماً حين أتى الى هنا. لم يستمِع الى الإنجيل. سمِع كلمتـي مرات عديـدة وكـان دائمـاً فـي بيتـي. أنـا جلبتـهُ بروحـي الى الخلاص، لكنـه أراد العالـم وشهواتِه. أحبَّ شرب الكحول ولم يبالي بنِدائي. نشأ في الكنيسة، لكنه لم يتعهد بنفسه لي. وفي يوم قال لي، سأُعطيكَ حياتي في يوم ما، يا يسوع. لكن ذلك اليوم لم يأتي. في ليلة ما بعد حفلةٍ، كان في سيارة تحطمَتْ وقـُتِل. خدعهُ إبليس حتى النهاية."
"قـُتل في الحال. لم يستمِع الى ندائي. أخرون قـُتِلوا أيضاً في الحادِث. إبليس يعمل لكي يقتل، ويسرِق ويحطِّم. إبليس اراد نفسُ هذا الرجلِ، وحطَّم هذه النفس مِن خلال عدم المبالاة، الخطيئة والسُّكر الشديد. تتحطَّمُ بيوت ونفوس كثيرة كل سنة بسبب الكحول."
لو إستطاعت الناس أن تدرك فقط أن شهوات ورغبات هذا العالم إنما هي لفترة قصيرة! إن جئت الى الرَّب يسوع، فإنه سيُحرِّرك من الشرّبِ المُسكِر. إدعو يسوع، وهو سيسمعُك ويساعدك. هو سيكون صديقك. تذكَّر هو يُحبُّك، وعنده القوة أيضاً لغفران خطاياك.
أيها المسيحيون المُتزوجون، يُحذركم يسوع من إرتكاب الزنا، ومِن رغبة الواحِد للجنس الأخر، حتى لو لم ترتكِب الزنا، فإنه محسوبٌ زِنى في قلبك.
أيها الشباب، إبتعدوا عن المخدرات وخطيئة الجنس. إن كنت قد أخطأت، فأن اللَّه سيغفِرُ لكَ. إدعوه طالما هناك وقتٌ. جد مسيحيين راشِدين وأقوياء في الإيمان، واسألهم إن كان بإمكانك التحدُّثَ إليهم عن مشاكِلك. ستكون مسروراً لأنك إستغلتَ الوقت الأن في هذا العالم قبل ان يفوت الوقتُ.
إبليس يأتي كملاك نور ليخدَع العالم. لا عجبَ أن خطايا العالم أغرت هذا الشاب حتى لو كان يعرِف كلِمة اللَّه المقدسة. قال في نفسهِ، حفلة أخرى، يسوع سيَفهم ذلك. لكن ليس للشيطان رحمة. لقد إنتظرَ الشاب متأخراً.
نظرتُ الى نفسُ هذا الرجل، وذكَّرني بأولادي. "أوه يا أللَّه، يا ريت يخدِمك أولادي!" أنا أعلم ان الكثيرين من الذين يقرأون هذا الكتاب لهم أحباب، قد يكونوا أطفالاً، لا تريدونهم أن يذهبوا الى الجحيم. تكلـَّمُوا إليهم عن يسوع قبل ان يمضي الوقت. قولوا لهم بأن يتوبوا عن خطاياهم وبأن اللَّه سيغفِرُ لهم ويجعلهم قديسين.
رنـَّت نِداءات الرجل في داخلي لأيام عديدة. لن أنسى أبداً نِداءه بالتأسُّف. أتذكرُ اللحم وهو مُعلـَّق ويحترق في النيران. لا أستطيع ان أنسى التعفن ورائحة الموت، والثقوبُ أخذِةً مكان العيون، نفوسٌ قذِرة رمادية والديدان تزحف عِبر العظام، وشكلُ ذلك الشاب وهو يرفع أذرُعِهِ نحو يسوع متوسِلاً فيما كنا ننصرف الى الحفرة التالية.
صليت، "يا عزيزي الرَّب، اعطيني القدرة للإستمرار."
سمِعتُ صوت إمرأة وهي تصرخ من اليأس. صُراخ الموتى كان في كل مكان.
بعد قليل، جئنا الى حُفرةٍ حيث تواجدت إمرأة. كانت تتوسل بيسوع بكل طاقتها لإخراجها من هناك. قالتْ، "يا رب، ألست هنا لفترة طويلة؟ أن عذابي أكثر مما يمكنني أن أتحملَّه. أرجوك يا رب، دعني أخرج!" تنهُداتِها هزَّت شِكلها، وكان ألم شديد في صوتها. علمتُ أنها تعاني كثيراً.
قلت، "يا يسوع، أليس هناك شيئاً تفعله؟"
حينئذ تكلَم يسوع الى المرأة قائلاً، "حينما كُنتِ على الأرض، دعوتكِ ودعوتكِ لتأتين إليَّ. ناشدتكِ لإستقامة قلبك معي، لمغفرة الأخرين، لفعل الصواب، للبقاء بعيداً عن الخطيئة. حتى إني زُرتكِ في ساعة منتصف الليل وجذبتكِ بروحي فترة تلو الأخرى. بشِفاهِك قلتِ أُحِبُّكَ، لكن قلبك كان بعيداً عني. ألم تعلمي أنه لا شئ يُخفى عن اللَّه؟ أنتِ خدعتِ الأخرين، لكنكِ لم تستطيعي أن تخدعيني. ومع هذا أرسلتُ أخرين إليكِ لتتوبي، لكنكِ لم تصغي. لم تستمعي، لم تلاحظي، وفي ساعة غضب طردتِ رُسلي. وضعتكِ حيث يكون بإمكانكِ سماع كلمتي. لكنكِ لم تعطي قلبكِ لي."
"لم تتأسفي، ولم تخجلي مما كنت تفعلينه. قسَّيتِ قلبكِ وطردتيني. والأن أنتِ مفقودة ومُحطمة الى الأبد. كان عليك أن تصغي لي."
حينئذٍ، نظرتْ الى يسوع وبدأت بشتمِ ولعنِ اللَّه. شعرتُ بوجود أرواح شريرة وعرِفتُ بأنـه هم الذين كانوا يشتمون ويلعنون. وأسفاه أن يكون الإنسان مفقوداً الى الأبد في الجحيم! قاوِموا إبليس فيما كنتم قادرين، وهو سيهرُب منكم.
قال يسوع، "العالم وكل ما فيه سيزول، لكن كلماتي ستبقى الى الأبد."
الفصل الخامس
نفق الخوف
حاولتُ أن أتذكر الكِرازة التي سمعتها عن الجحيم. لكنني لم أسمع أبداً عن هكذا أشياء مخيفة كالتي أراها الرَّب لي هنا. الجحيم هو أسوأ من أي شئ يُمكِنك التفكير به او تصوّره إطلاقاً. إنني أتألـَّمُ جداً لِمعرِفةٍ أن النفوس المتعذبةِ في الجحيم ستكون هناك طوال الأبدية. إذ ليس هناك أيُّ مخرج لها.
إنني مصممة بأن أفعل كل ما في قدرتي لخلاصِ نفوسٍ من هكذا رعب. عليَّ أن أكرِز الإنجيل لكل شخص أُقابله وأُخبِره، أن الجحيم هو مكان مخيف. هل تدرك ما أقوله لك؟ إن لم يتب الخطاة ويؤمنوا بالإنجيل، فإنهم بالتأكيد سيأتون ألى هناك.
أمِن بالرَّب يسوع المسيح، وادعهُ لإنقاذِك من الخطيئة. إقرأ الإصحاح الثالث والإصحاح الرابع عشر من إنجيل يوحنا. وإني أرجوك أن تقرأ هذا الكتاب من الغلاف الى الغلاف حتى يُمكنِك أن تعلم أكثر عن الجحيم وما بعد الجحيم. وفيما تقرأ، صلّي بأن يأتي يسوع الى قلبك ويغسل خطاياك قبل فوات الأوان.
مشينا، يسوع وأنا، خلال الجحيم. كان الممر عبارة عن أرض قاحلة محروقة جافة ومتصدعة. نظرتُ الى الأسفل حيث صفوفٍ من الحُفر بقدر ما أستطعت رؤيته. كنتُ متعبة. كان قلبي وروحي منكسران لما رأيتهُ وسمِعتهُ وكنت أعلمُ أنه لا يزال هناك الكثير قدامي.
بكيتُ، "يا يسوع أعطِني القوة لكي أستمر"
فيما كان يسوع يمشي أمامي، كنتُ خلفهُ مباشرة. وإذ كنتُ ممتلئة من الأسى لما رأيتُ من أشياء مخيفة، تسائلتُ في داخلي إن كان العالم سيُصدِّقني. نظرتُ الى جهتي اليسرى واليمنى والى الخلف حيث تواجدت حُفرٌ من النار بقدر ما أستطاعت عيني رؤيته. كنتُ محاطة بالنار واللّهب والنفوس المحترقةِ. صرختُ برعبٍ مطلق. كان الرعب والواقع الذي رأيته أكثر مما أستطيع تحمَّلهُ.
بكيتُ، "يا أرض توبي". تنهدات هزَّت روحي فيما كنت أمشي مع يسوع. تسائلتُ ماذا سأرى بعد. أه، كم أُحِبُّهم! أتذكرُ كيف كنتُ خاطئة قبل عودتي ليسوع، وإني أشكر اللَّه بأني رجعتُ قبل فوات الأوان.
قال يسوع، "أوشكنا على دخول النفق الذي سيأخذنا الى بطن الجحيم. الجحيم مُشكَّلٌ مثل جسم إنسانٍ موضوع في مركز الأرض. الجسد ممتدٌ على ظهره، وكِلا الذراعين والساقين ممدوتان. وكما أنهُ لي جسد المؤمنين، هكذا الجحيم له جسد الخطيئة والموت. وكما أن جسد المسيح يُبنى يومياً هكذا أيضاً جسد الجحيم يُبنى يومياً."
في طريقنا الى النفق، كنا نمشي عابرين حُفراً ملتهبة ممزوجة بصرخات وعويل الهالكين وهي تدُّق في أذاني. كان العديد منها يُنادي بيسوع فيما كنا نجتازها. أخرين حاولوا تسلـَّق حفرتهم ليصلوا إليه، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك. وبكيَ قلبي، فات الأوان فات الأوان.
بان الأسى على وجه يسوع فيما كنا نمشي. تذكرتُ وأنا أنظر الى حُفرِ النارِ عن عدد المرات التي فيها نُحرِق الفحم في الساحة الخلفية للدار وكيف يتوهج الفحم الحامي حين يحترق لساعات. ذاك كان يُشابه ما كنتُ أراه هناك في الجحيم.
شعرت بالراحة حينما دخلنا النفق، إذ لا يمكن ان يكون النفقُ سئٌّ مِثل الحُفر. لكنني كنتُ على خطأ.
إذ حالما كنّا في الداخل. بدأتُ أنظر أفاعي بحجم ضخم، جرذان كبيرة والعديد من الأرواح الشريرة، كانت جميعها تهرب من حضور الرَّب. كانت الأفاعي تهسهس علينا وكانت الجرذان تطلق صرخات طويلة. كانت هناك العديد من أصوات أرواحٍ شريرة. كانت الأفاعي الخبيثة وظِلال الظلمة مُحيطة بنا تماماً. كان يسوع هو النور الوحيد المُمكِن رؤيتهُ في النفق. وقفتُ بجنبه قدر ما أستطعت.
كانت العفاريت والشياطين في كل جوانب الكهف، وكانت جميعها ذاهبةً الى مكان ما فوق والى خارج النفق. اكتشفتُ فيما بعد أن هذه الارواح الشريرة كانت تذهب الى الخارج، الى الأرض، لتعمل بما أمرهُ إبليس.
وشاعرةٌ بالخوف في هذا المكان المُظلم والرطِب والقذِر، قال يسوع، "لا تخافي، سنصل الى نهاية النفق قريباً. ينبغي عليَّ أن أُريكِ هذه الأشياء. تعالي، إتبعيني."
كانت أفاعي عظيمة تزحفُ وهي تجتازنا. قسماً من هذه الأفاعي كانت كبيرة جداً يصل قطرها الى 4 أقدام وطولها 25 قدم. رائحة كثيفة وقذِرة مَلئت الهواء وأرواح شريرة تواجدت في كل مكان هناك.
قال يسوع، "سنكون قريباً في بطن الجحيم. هذا الجزء من الجحيم هو بارتفاع 17 ميلاً وبقطر 3 أميال." أعطاني يسوع المقاييس بالضبط.
سأحاول كل ما في إستطاعتي أن أكتب وأقول عما رأته عيني وسمِعَته أُذني. سأعمل ذلك لأجل مجد الأب، لمجد الابن، لمجد الروح القدس. لتكن مشيئة اللَّه.
كنتُ أعلمُ أن يسوع يريد أن يريني كل هذه الأشياء كي أتمكن مِن تحذير الرجال والنساء في العالم لتتجنبَ الجحيم مهما كلَّف الأمر. يا عزيزي، إن كنت تقرأ هذا الكتاب وأردت معرفة يسوع، توقـَّف الأن، تب عن خطاياك، وادعو يسوع مُخلِّصاً لك.
الفصل السادس
نشاط في الجحيم
أستطعتُ أن أرى نوراً أصفراً خافِتاً قدامي. كنَّا للتو قد خرجنا، يسوع وأنا، من نفق الخوف ووقفنا الأن على حافةٍ ضيقة قذرة تشرِف على بطن الجحيم. كان هناك كمية من النشاط المستمر في بطن الجحيم بقدر ما أستطاعت عيني رؤيته.
توقفنا، تكلَّم يسوع، "سأخُذكِ عِبر بطن الجحيم، وسأكشف لكِ أموراً كثيرة. تعالي، أتبعيني." فمشينا معاً.
قال يسوع، "تتواجد قدامنا أُموراً مُرعبة. ليست من تلفيق خيال شخص إنما هي حقيقية. كوني أكيدة بأن تقولي للقُراء أن قوات إبليس هي حقيقية. قولي لهم أن إبليس حقيقي، وأن قوات الظلام حقيقية. ولكن قولي لهم أن لا ييأسوا، لأنه إن تواضَع شعبي الذين يدعون بإسمي وصلُّوا ورجعوا عن أعمالهم الشريرة، فإني سأسمعهُم من السماء وأشفي بلادهم وأجسادهم. فكما أن السماء حقيقية هكذا الجحيم حقيقي أيضاً."
اللَّه يُريدَك أن تعرف عن الجحيم، ويريد أن يُخلـِّصك من هذا المكان. اللَّه يريد أن تعرِف أن هُنالك مخرجٌ. فالطريق هو يسوع المسيح، مُخلِّص نفسك. تذكّر، أن الأسماء المكتوبة في كتاب الحياة للخروف ستخلص فقط.
جئنا الى النشاط الأول في بطن الجحيم. كان الى الجهة اليمنى من مكان دخولِنا على علو تلـَّة صغيرة في زاوية مُظلمة للجحيم.
تذكّرتُ كلمات الرَّب حينما قال لي، "سيبدو لكِ أنه في بعض الأحيان تركتُكِ، لكني لن أفعل ذلك. تذكّري أنه لي كل القوة في السماء والأرض. في بعض المرات لن ترانا الأرواح الشريرة والنفوس المفقودة ولن تعرِف بأننا هنا. لا تخافي. ما سترينه هو حقيقي. هذه الأشياء تحدث الأن فعلاً وستستمرُ بالحدوثِ الى أن يُطرحَ الموتُ والجحيمُ في بحيرة النار."
أيها القارئ، تأكد من أن اسمك مكتوبٌ في كتاب الحياة للخروف.
وأستطعتُ أن أسمع قدامنا أصواتاً وبكاء نفوس متعذبة. مشينا نحو التلـَّةِ الصغيرة وفحصنا المكان. وملأ ضوءٌ المكان فاستطعتُ أن أرى بوضح. وكانت صرخاتٌ لا يمكِنُ تصوّرها تملأ الهواء. كانت صرخاتُ رجلٍ.
قال يسوع، "إصغي لي، ما سترينه وما ستسمعيه هو حقيقي. إنتبهوا يا قسس الإنجيل، لأن هذه الأقوال أمينة وصادقة. تيقظوا أيها المُبشِرين والكارِزين ومُعلمي كلمتي، أنتم جميعاً الذين دُعيتُم لبِشارة إنجيل الرَّب يسوع المسيح. إن كُنتم في خطيئة، توبوا وإلا فإنكم ستهلكُون أيضاً."
مشينا صعوداً بنحو 15 قدماً من مكان النشاط. رأيتُ أشكالاً صغيرة مُغطاة بملابس قاتمة تسير حول ما يُشبه بالصندوق. ونظرتُ بدِقةٍ أكثر، فرأيتُ أن الصندوق كان تابوتاً والأشكال التي تسير حوله كانت شياطيناً. كان تابوتاً حقيقياً، وكان هناك 12 شيطاناً يسيرون حوله. وكانت تنشُدُ وتضحك وهي تدور حول التابوت. وكان في يدِ كل واحدٍ منهم رِمح حاد، وكانوا يُغرِزونها داخِل التابوت من خلال ثقوب صغيرة حول التابوت.
كان هناك شعورٌ بخوفٍ عظيم في الهواء، وأرتعشتُ من المنظرِ الذي كان أمامي.
عرِف يسوع أفكاري فقال، "يا طفلتي، هنا الكثير من النفوس المُتعذبة، وهناك أنواع متعددة من طرق التعذيب لهذه النفوس. هُناك عقاباً أعظم لهؤلاء الذين كرِزوا بالإنجيل ثم عادوا الى الخطيئة، أو لهؤلاء الذين لا يُطيعون دعوة اللَّه لحياتهم."
سمِعتُ صُراخٍ يائسٍ جداً ملأ قلبي بالأسى. نادى، "لا أمل، لا أمل". جاء صُراخ اليأس من التابوت. كان عويلُ أسفٍ بدون توقف.
قلتُ، "يا اللّه، يا له من أمر شنيع"
قال يسوع، "تعالي، دعنا نقترب أكثر." مشى نحو التابوت ونظرَ الى الداخل. فتبِعته ونظرتُ الى الداخل أيضاً. بدا لي أن الأرواح الشريرة لم تستطِع رؤيتنا.
كانت هناك غشاوة رمادية قذرة داخِل التابوتِ. كانت نفسُ رجلٍ. وفيما نظرتُ، رأيتُ أن الشياطين كانت تدفعُ برماحها إلى داخِل النفسِ الموجودةِ في التابوت.
لن أنسى أبداً معاناة تِلك النفس. بكيتُ قائلة ليسوع، "اخرجه، يا رب، اخرجه." كان تعذيبُ تلك النفس مَنظراً رهيباً. ريتهُ يتمكن من تحريرِ نفسهِ. سحبتُ يد يسوع وتوسلتُ إليه أن يدع الرجلَ يخرجُ مِن التابوت.
قال يسوع، "يا طفلتي، سلام، إهدأي."
وحينما تكلَّم يسوع، رأنا الرجل. قال، "يا رب، يا رب، اخرجني من هنا، رحمتك." نظرتُ فوجدت كمية من الدماء. أمام عيني كانتْ نفسٌ. داخل هذه النفس كان قلبُ إنسانٍ، وكان الدم يتدفق منهُ. كان غرزُ الرماح تثقبُ قلبهُ حقاً.
توسّلَ الرجل، "سأخدِمُك، أنت تعرِف يا رب. أرجوك دعني أخرج." عرِفتُ ان ذلك الرجل كان يشعرُ بِالرماح وهي تثقبُ قلبَهُ.
قال الرَّب، "إنه يتعذبُ نهاراً وليلاً." وأضاف، "وضِع هنا من قِبل إبليس، إبليس هو الذي يُعذبهُ."
بكى الرجل، "يا رب سأكرِزُ الأن بإنجيل الحق. سأتحدث عن الخطيئة والجحيم. لكن أرجوك ساعدني أخرُج من هنا."
قال يسوع، "هذا الرجل كان واعِظاً لكلمة اللَّه. كان هناك وقتٌ حينما خدمني من كل قلبه وقاد العديدين الى الخلاص. قسماً من الذين إهتداهُم لا زالوا يخدمونني اليوم. قادته شهوة الجسد وخِداع الثروةِ نحو الضلال. سمحَ لإبليس أن يسود عليه. كانت له كنيسة كبيرة، سيارة رائعة ومدخولٌ كبير. بدأ بسرقة تقدمِةَ الكنيسةِ. صار يُعلـِّمُ أكاذيباً. كان أغلب الأحيان نصف كلامه صادِقاً والنصف الأخر كِذباً. لم يدعني أُصَحِحهُ. أرسلتُ إليه رُسلي ليقولوا له بأن يتوب ويعِظ الحق، لكنه أحبَّ مُتع الحياة أكثرَ من حياة اللَّه. عرِفَ بأن عليه أن لا يُعلـِّمَ او يعِظَ معتقداً أخر عدا الحق المكشوف في الإنجيل. لكنه قبل وفاتـهِ، قال ان معموديــة الروح القدس هـي كِذبٌ وأن هؤلاء الذيـن يدَّعـونَ بأن لهـم الروح القدس هـم منافقين. وقال تستطيع أن تكون سكيراً وتذهبَ للسماء، حتى بدونِ توبةٍ."
"وقال أيضاً، أن اللَّه لن يُرسل أحداً الى جهنم لأن اللَّه أفضلَ بكثير من أن يفعل ذلك. سبَّبَ في تخلي أناس كثيرين عن مجد اللَّه. حتى إنه قال بأنه ليسَ بحاجةٍ لي، لأنه كان مثل اللَّه. حتى إنه صار يعقد حلقاتٍ دراسية لتعليم عقيدة مزيفة. داس كلمتي المقدسة تحت قدمه. مع ذلك، إستمرتُ في محبتي له."
وأضاف الرَّب، "يا طفلتي، الأفضل ان لا يعرفني إنسانٌ عن أن يعرفني ويحيد عن خِدمتي."
بكيتُ، "لو أصغى فقط إليك. لو إنتبه فقط لنفسه ونفوس الأخرين."
وإستمرَّ الرب، "لم يصغي لي. حين دعوتهُ لم يستمِع لي. أحبَّ الحياة السهلة. دعوتهُ ودعوتهُ للتوبة، لكنه لم يرجع إليَّ. وفي يومٍ ما قـُتل وجاء الى هنا في الحال. الأن، إبليس يُعذبهُ لأنه كان يوماً يكرِزُ بكلمتي وخلـَّص نفوساً لملكوتي. هذا هو عذابهُ."
راقبتُ الشياطين وهي تدور حول التابوت باستمرار. كان قلبُ الرجل ينبضُ ودِماء حقيقية تتدفقُ منه. لن أنسى أبداً ذلك الألم والأسى.
نظر يسوع الى الرجل الموجودِ في التابوت بشفقةٍ عظيمة وقال، "دماء العديد من النفوس المفقودة هي على أيدي هذا الرجل. يتواجدُ الأن الكثيرين منهم في مكان العذاب هنا." بقلوب حزينة إنصرفنا من هناك.
وعِند مغادرَتِنا رأيتُ مجموعة من الشياطين أتية نحو التابوت. كانوا بطولِ 3 أقدام ومرتدين ملابِسَ سوداء وأغطية سوداء على وجوههم. كانوا يتناوبون على تعذيب تلك النفس.
فكرتُ كيف أن الإفتِخار الموجودُ فينا يجعلنا في بعض الأوقات معارضينَ للإعتِراف بأخطائنا وطلبَ المغفِرة. نرفض التوبةَ وإتضاع أنفسِنا، ونستمِرُّ كما وكأنه وحدنا على حق فقط. لكن إصغي يا نفس، الجحيم حقيقي. أرجوك لا تذهب الى ذلك المكان.
ثم أراني يسوع ساعة عملاقة، ممتدة عِبرَ العالم كله. وسمِعتُ تكتكات الساعة. كان عقرب الساعة يقتربُ من الساعة الثانية عشر، وعقرب الدقائق يدور مُسرِعاً حتى توقف عند ثلاث دقائق قبل مؤشر الثانية عشر. ثم تحرّك عقرب الدقائقِ خِلسة نحو عقربِ الساعة. وعندما تحرّكَ إرتفع صوت تكتكاتِ الساعة أكثر وأكثر حتى بدا لي أن صوتها ملأ العالم كلهُ.
تكلم اللَّه مثل صوت بوق، وكان صوته مثل مياه كثيرة. قال، "إصغِ وإسمع ما يقوله الروح للكنائس. كُن مستعداً. لأنه في ساعة لا تظنها سأتي ثانيةً." سمِعت صوت الساعة يدق عالياً. إنها الساعة الثانية عشر. جاءت العروس عند عريسها.
يا صديق، هل أنت مستعِد لمجئ المسيح؟ أم أنك مثل هؤلاء الذين يقولون، "ليس اليوم يا رب." هل ستدعوه وتخلص؟ هل ستُعطيه قلبك اليوم؟ تذكّر، إنه يستطيع وسوف يُخلـِّصك من كل الشر إن دعوته اليوم، وتبت. صلّي لأجل عائلتك وأحبائِك لكي يأتوا الى يسوع قبل فوات الأوان.
إستمع الى كلام يسوع، "سأحميك من الشَّر، وسأصونك في طُرقِك. سأُخلـِّصُك. سأُخلـِّص أحبائك. ادعوه اليوم وعِش."
صليتُ بدموع كثيرة لأجلكم أنتم الذين تقرأون هذا الكتاب بأن تدرِكوا الحق قبل فوات الأوان. الجحيم أبديٌّ. أُحاول قدر إستطاعتي أن أكشِف لكَ كل ما رأيتُ وسمِعت. أعلم أن هذه الأشياء حقيقية. أُصلي فيما تقرأ ما تبقى من الكتاب، بأن تتوب وتقبل يسوع المسيح مُخلـِّصاً شخصياً لك.
سمِعتُ الرَّب يقول، "حان الوقت للذهاب. سنرجع غداً ثانية."
الفصل السابع
بطن الجحيم
في اليوم التالي ذهبنا، يسوع وأنا، الى الجحيم ثانية. دخلنا أولاً إلى منطقة مكشوفة وواسِعة. رأيتُ نشاطاتٍ شريرةٍ مستمرة بقدر ما إستطاعت عيني رؤيته. كان الكثيرُ من هذه النشاطات ترتكِزُ حولنا. إذ كانت تبعد نحو 10 أقدام من مكان وقوفنا. لاحظتُ نشاطاً غريباً وأقول غريباً لان العديد من الأشكال الشريرة والأرواح الشيطانية كانت تسرعُ نحو تلك المنطقة بالذات كما تسرع خارِجة منهُ.
كان المشهدُ وكأنه مقطعٌ من فيلم رعب. وكانت هناك نفوس متعذبـة بقدر ما استطاعت عيني رؤيته، وكان إبليس وملائكته ذاهبينَ الى ذلك المكان. واخترق المكان الذي كان شبه مُظلم صرخات كرب ويأس.
قال يسوع، "يا طفلتي، إبليس يعملُ مُخادِع على الأرض ومُعذب النفوس في الجحيم. العديد من القوات الشيطانية الموجودة هنا، تصعد على الأرض في أوقات معينة لتؤذي وتـُمرِض وتـُخدِع. سأُريكِ أموراً لم تـُرى سابقاً بهكذا تفاصيل. سترين قسماً من هذه الأمور تحدثُ الأن، فيما سيحدثُ القسم الأخر منها في المستقبل."
ثم نظرتُ قدامي. كانت الأرضية بلونِ بُني فاتح، خالية من الحياة، بدون عشب او أي إخضرار. كان كل شئ ميتاً أو في طريقه للموت. كانت بعض الأماكنِ باردة ورطِبة، فيما كانت أماكن أخرى ساخِنة وجافة. ولكنه كانت هناك على الدوام رائِحة فاسِدة مِن احتِراق وتعفـَّنِ اللحم ممتزجة مع روائح فضلاتِ ذبيحةٍ ونفايات وعفن.
قال يسوع، "إبليس يستخدم عدة مكائِد وفِخاخ لِخداع شعب اللَّه. خلال رحلتنا في الجحيم، سأُريكِ العديد من حِيَل إبليس المخادِعة والماكِرة."
كنَّا قد مشينا عدة أمتار حين رأيتُ قدامنا جسم أسود مُظلم يبدو مشؤوماً. بدا لي أنه يتحرك الى الأعلى والأسفل، يتقلـَّصُ وينتفِخُ. وعِند كُل حركةٍ كانت رائحة كريهة، أردأ بكثير من الرائحة الكريهة العادية، تنبعثُ منهُ وتملأ هواء الجحيم.
سأُحاوِل أن أشرح ما رأيتهُ بقدر إستطاعتي. ففيما كان هذا الجسمُ الأسودُ المظلم مستمِرٌّ بالتقلـَّص والتمدُّد ونشرِ هذه الرائحـة الكريهـة، لاحظتُ شيئاً مثل قرون، بلون قاتـمٍ، خارجةً منـهُ وصاعـدة الى الأرض. أدركتُ بأنه كان قلباً ضخماً أسوداً وأن هناك مداخل عديدة إليه. مَلكني هاجِس مخيف ملئٌ بالشَّر.
عرِف يسوع أفكاري فقال، "لا تخافي. هذا هو قلب الجحيم. لاحقاً سندخلُ خلاله، لكن يجب علينا الأن ان ندخل الى حُجيرات الجحيم."
كانت حجيرات الجحيم في بطن الجحيم. كانت الحجيرات بإرتفاع سبعة عشر ميلاً. نظرتُ الى فوق ورأيتُ هناك قناة كبيرة بُنيةَ اللون بين الحجيرات وبطن الجحيم. تبين لي أن القناة كانت بعمق ستة أقدام، وتسائلتُ كيف يُمكنني عبورها. ولم يطُل تفكيري إذ وجدت نفسي مع يسوع فوق حافة مُسطَّحة، عند الصفِّ الأول من الحجيرات. كانت الحافة قد عُمِلت كممر عبور حول الحجيرات وكمكان مُفضَّلٍ للإشراف على بطنِ الجحيم.
قال يسوع، "هذه الأشياء هي أمينة وحقيقية. الموت والجحيم سيُلقيان يوماً في بُحيرة النار. لحد ذلك الحين، فإن هذا هو سِجن الجحيم. هذه الحجيرات سيستمِرُّ وجودها، مُكتظةً بالنفوس الأثيمة المُعانية والمُتعذبة."
"أعطيتُ حياتي كي لا تأتوا الى هنا. أعرِفُ ان هذا الرعب حقيقي، لكن رحمة أبي عادلِة وحقيقية. إن سمحتَم لهُ، فإنه سيغفِرُ لكمْ. ادعوه بإسمي اليوم."
الفصل الثامن
حجيرات الجحيم
وقفنا، يسوع وأنا، على رفِّ مُسطـَّح عند الصف الأول من الحجيرات. كان عرض الرفِّ بنحو أربعة أقدام. نظرت الى الأعلى، وبقدر ما أستطاعت عيني رؤيته، كانت هناك رفوف مُسطَّحة أخرى داخل شكل دائري كبير بدت لي وكأنها حفرة عملاقة. بجانب الرفِّ، او ممر عبور، كانت الحجيرات محفورة في داخل الأرض. وكانت الحجيرات، شِبه زنزانات السجن، على صف افقي، ويفصلها عن بعضها قدمَين من القذارةِ.
قال يسوع، "صف الحجيرات هذا بإرتفاع سبعة عشر ميلاً، يبدأ من قاع الجحيم. هنا في هذه الحجيرات العديـد من النفوس التي كانت تعمـل في السِحر والعِرافـة. قسماً منهـم سحرة، ووسطاء، بائعي المخدرات، عابدي الأوثان أو أناس أشرار بأرواح مشابهة. هناك نفوس عمِلت أفظع الرجاسات ضد اللَّه، قضى العديد منهم مِئات السنين هنا. إنها النفوس التي لم تتب، خاصة تلك التي خدعت الناس وقادتهم بعيداً عن اللَّه. هذه النفوس عمِلتْ أفظع الشَّرِ ضد الرَّب وشعبه. كان الشَّر والخطيئة حُبُّهم وعاطفتهم."
وفيما تبِعت الرَّب على طول ممرات العبور. نظرتُ الى الأسفل الى مركز الجحيم، فرأيتُ نشاطات عظيمة تجري هناك. وكان هناك ضوءاً خافِتاً ملأ المركز، وإستطعتُ رؤية حركات بعض الأشكال. كانت هناك حجيرات قدامنا بقدر ما إستطاعت عيني رؤيته.
فكرتُ بداخلي بأن العذاب في هذه الحجيرات لن يكون أكثر رعباً مما رأيتهُ في الحُفر. كنتُ أسمع بكاء وعويل وصرخات الهالكين في هذه الحجيرات. بدأت أمرضُ كثيراً.
قال يسوع، "لم أدعكِ تسمعينَ هذه الصرخـات الى الأن. ولكن أُريد أن أُريكِ كيف يأتي إبليس للسرِقة والقتل والتدمير. هنا في الجحيم هناك تعذيب مختلف لنفوس مختلفة. إبليس يُدير هذا العذاب الى يوم الحساب، الى اليوم الذي فيه سيُلقى الموت والجحيم في بحيرة النار. كما أنه بحيرة النار تدخلُ الجحيم في بعض الأحيان."
وفيما كنا نمشي على ممرات العبور، إرتفعت الأصوات. صرخات فظيعة كانت تخرج من الحجيرات. وفيما إقتربتُ أكثر من يسوع، توقفَ عند الحجيرة الثالثة. كان نورٌ خافِتٌ يضئ ما في داخل الحجيرة. كان في الحجيرة إمرأة عجوز جالِسة على كرسي هزاز، كانت تهزُّ وتبكي وكأن قلبها سينكسِر. لا أعرف لماذا، لكني إنصدمتُ حين إكتشفتُ أن هذه المرأة هي شخص حقيقي بجسد.
كانت الحجيرة خالية من كل شئ عدا المرأة على الكرسي الهزَّاز. كانت جدران الحجيرة مبنيةٌ من طينٍ فاتح اللون وقذارة، صُبَّت كقوالب داخِل الأرض. وكان الباب الأمامي ممتداً على طول الواجهة الأمامية للحجيرة. وكان معمولاً من معدنٍ أسود مع قضبان معدنية وقِفلَ عليـهِ. وفيما كانت القضبان بعيدة نوعاً ما عن بعضها، إستطعنا أن ننظر تماماً ما في داخل الحجيرة.
كان لون المرأة العجوز بلونِ لحمٍ ورماد ممزوج مع لون رمادي خفيف. كانت تهزُّ كرسيها الى الأمام والخلف. وفيما كانت تهتز، كانت دموعٌ تسيل على خدودها. عرِفتُ من تعابير الحزن بأنها كانت في ألم فظيع وتعاني من عذابٍ مخفيٍّ. تسائلتُ بماذا اتـُهِمت حتى تـُسجن هنا.
وفجأة، قدام عيني، بدأت المرأة تـُغيّر أشكالها، أولاً الى شكل إمرأة عجوز جداً، ثم الى إمرأة شابة، ثم الى إمرأة منتصف العمر، ثم الى شكلها الذي رأيته قبلاً. كنتُ أراقِبها وأنا منصدِمة فيما مرَّت بهذه التغييرات واحدة بعد الأخرى.
عندما رأت يسوع، صرختْ، "يا رب، رحمتك عليَّ. دعني أخرج من مكان العذاب هذا." مالت الى الأمام وهي جالسة على كرسيها ومدَّت يديها الى يسوع، لكنها لم تصله. ثم إستمرَّ التغيير. حتى أن ملابسها تغيَّرت، فوجدتها مرتدية ملابس كرجل، ثم كفتاة شابة، ثم إمرأة منتصف العمر ثم الى إمرأة عجوز تِباعاً. بدا لي أن كل هذا التغيير لم يدُم سوى عدة دقائق.
سألتُ يسوع، "لماذا يا رب؟"
وصرختْ ثانية، "يا رب، دعني اخرج قبل أن يرجعوا." ثم وقفت على واجهة الحجيرة، ممسكةً بإحكام على القضبان. قالتْ، "أنا أعرِف بأن حُبُّك حقيقي. أعرِفُ أن حُبُّك صادق. دعني أخرج!" وفيما كانت المرأة تصرخ في رعب، رأيتُ بأن شيئاً بدأ يُمزِّقُ لحمها من جسدها.
قال الرَّب، "هي ليست كما تظهرُ لكِ."
جلستْ المرأة ثانية على الكرسي وبدأت بهزِّهِ. لكنه لم يكن هناك الأن سوى هيكل عظمي جالس على كرسي هزاز، كان هيكلاً مع غشاوة قذِرة في داخله. فقبل قليل كانت جسداً لابساً ملابس، أما الأن فلم تكُن هناك إلا عظام محترقة سوداء وتجاويف فارغة مَحل العيون. كانت هذه النفس تئِن وتصرخ الى يسوع طالبة التوبة. لكن صرخاتها كانت متأخرة جداً.
قال يسوع، "هناك على الأرض، كانت هذه المرأة ساحِرة وعابدة لإبليس. لم تمارس السِحر فقط، بل أيضاً علـَّمَت السِحر للأخرين. منذ وقت طفولتهـا، كانت عائلتها تمارس السِحر الأسود. أحبُّوا الظلام بدلاً عن النور."
"عدة مرات. طلبتُ منها أن تتوب. سَخرت مني وقالتْ: إنني أتمتع بخدمتي لإبليس. سأستمر بخدمتي له. رفضتْ الحق ولم ترد أن تتب عن شَرِّها. أصرفت العديد من الناس عن طريق الرَّب، قسماً منهم في الجحيم اليوم. لو كانت قد تابت، لأنقذتها والعديد من عائلتها أيضاً، لكنها لم تستمِع."
"خدع إبليس هذه المرأة ليجعلها تـُصدِّق بأنها ستستلم مملكةً لنفسها كمكافأة لخدمتها له. أخبرها بأنها لن تموت أبداً، بل ستعيش معه الى الأبد. ماتت وهي تـُسبِّح إبليس وجاءت الى هنا وطلبتْ منه مملكتها. إبليس، أبُ الكِذب، ضحك في وجهها وقال: هل فكرتِ بأنه سأُقسِمُ مملكتي معكِ؟ هذه هي مملكتك. وقفلَ عليها في هذه الحجيرة لتتعذب نهاراً وليلاً."
"على الأرض علـَّمت هذه المرأة العديد من السحرة، السِحر الأبيض والسِحر الأسود، ليُمارِسوا سِحرهم. واحدةً من حِيلها السحرية هو تحوّلها من إمرأة شابة الى إمرأة منتصف العمر، الى إمرأة عجوز أو حتى الى رجل عجوز. كان عمل التغيير لَهوٌّ لها في تلك الأيام كما أخافت بصورة أقل السَحرة بسِحرها. لكنها الأن تعاني من عذاب الجحيم، ولحمها يتمزَّقُ كل مرة مع كل تغيير. لا تستطيع ان تسيطر عليه الأن، وسيستمر بالتغيير من شكل الى أخر، لكن شكلها الحقيقي هو نفسٌ بغشاوةٍ داخل هيكلها. إبليس إستخدمها لأهدافه الشريرة ووبَخها ساخِراً منها ومستهزأً بها. ومن وقت لأخر تـُجلب قدام إبليس لتتعذبَ مِن أجل إرضاءه."
"دعوتها عدة مرات، كنتُ سأُنقِذها. لكنها لم تريدني. والأن تتوسلُ وتلتمِس طالبة الغفران، لكن الوقت إنقضى. فهي الأن مفقودة بدون أمل."
نظرتُ الى المرأة التي فـُقِدت الى الأبد في ألمٍ ومعاناة، ومع إنها كانت إنسانة شريرة، إلا أن قلبي إنكسرَ شفقةً عليها. فقلتُ باكيةً، "يا رب، يا له من أمر شنيع."
ثم، وكأننا لم نكن هناك، جاء شيطانٌ بُني اللون وقذِر بأجنحة مكسورة، كان بحجم وشكل دب كبير، الى واجهة الحجيرة وفتح الباب بالمفتاحِ. كان يُخرج أصواتاً عالية وكأنه أراد ترويعها. صرختْ المرأة برعب مُنحطٍّ حين بدأ بمهاجمتها وسَحِبها من الحجيرة.
سألتُ، "يا عزيزي الرَّب، هل هناك شيئاً نستطيعه؟" شعرتُ بشفقة كبيرة تِجاهها.
أجاب يسوع، "فات الوقت، فات الوقت."
الفصل التاسع
رعب الجحيم
أدركُ لماذا كانت الناس في بطنِ الجحيم مختلفة عن أؤلئك الموجودين في مكان عذابٍ أخر. كان هناك الكثير مما لم أفهمه. كنتُ أستمع ببساطة الى يسوع وأعمل سِجلاً مما سمعتهُ ورأيتهُ لمجد اللَّه.
وبقدر ما أستطعتُ رؤيته، بدتْ الحجيرات وكأنها في دائرة لا نهاية لها. كانت هناك نفسٌ واحدِة داخل كل حجيرة. كانت أصوات عويلٍ وتنهداتٍ وأنينٍ تخرج من هذه الحجيرات فيما كنّا نجتازها.
لم نمشي كثيراً حتى وقف يسوع عند حجيرة أُخرى. وفيما نظرنا في داخلها، أضاء نورٌ )يسوع عِمل ذلك(. وقفتُ ونظرتُ الى نفسٍ عرفتُ إنها كانت في عذاب شديد! كانت إمرأة أخرى، وكانت بلون أزرق الى رمادي. كان لحمها ميّتاً، والقسم المُتعفـنِ من لحمهـا كان يتساقط من العظام. كانت جميع عظامها محروقة وبلون أسود قاتم، وكان عليها بعض قطع ملابسٍ خشنة. كانت الديدان تزحف على لحمها وعظامها. وكانت رائحة كريهة تملأ الحجيرة.
كما المرأة السابقة، هذه أيضاً كانت تجلِسُ على كرسي هزَّاز. وكانت تحمل دُمية بالية الى صدرها. وعندما هزَّت الكرسي، بكت ووضعت الدُمية البالية على صدرها. هزَّتْ تنهدات عظيمة جسدها، وصراخِ عويلٍ خرج من الحجيرة.
قال يسوع، "هذه أيضاً كانت خادمة لإبليس. باعت نفسها له، وفيما كانت على قيد الحياة، مارسَت كل نوع شرٍّ. السِحر حقيقي. هذه المرأة علـَّمت ومارست السِحر وجلبت الكثيرين الى طريق الخطيئة. أؤلئك الذين كانوا مُعلمين للسِحر إستلموا إهتماماً خاصّاً وكمية عظيمة من القوة من إبليس عن الذين يُمارسون السِحر بصورة عادية. هذه كانت عرَّافة، كاهِنة ووسيطة لسيدها."
"إستلمت رعاية عظيمة من إبليس لكُلِّ الشَّر الذي إرتكبتهُ. عرِفت كيف تستخدم قوات الظلمة لأجل نفسها ولأجل إبليس. كانت تتابع خدمات عبادة إبليس وتـُسبِّح إبليس. كانت إمرأة قوية من أتباعه."
تسائلتُ، يا ترى كم من النفوسِ خدعتْ هذه المرأة لأجل إبليس. نظرتُ الى الهيكل العظمي لتلك النفس، وهي باكية على دُمية بالية )قطعة قماش وسِخة(. ملأ قلبي أسف، وملئت عيوني الدموعَ. كانت تتمسك بالدُمية بإحكام وكأنها تطلب من الدُميةِ مساعدتها، او ربما تستطيع مساعدتها. رائحةَ الموتِ كان يملأ المكان.
ثم رأيتها ثانية وهي تتغير مثل المرأة السابقة. كانت في البداية إمرأة عجوز من مواليد الثلاثينات ثم أصبحت إمرأة شابة الأن. وعمِلت هذا التغيير الغريب قدام عيوننا مرة بعد أخرى.
قال يسوع، "هذه المرأة كانت مساوية لِواعظٍ من وعّاظِ إبليس. كما أن الإنجيل الحقيقي يوعَظُ لنا عن طريق كاهن حقيقي، كذلك لإبليس كهنة مزيَّفين. كان بحوزتها أقوى أنواع القدرة الشيطانية، من النوع الذي يتطلبُ منها بيعَ نفسها من أجلِ إستلامه. هِبات إبليس الشريرة هي مثل الجهة الخلفية للعملة المعدنية للهِبات الروحية التي يمنَحُها يسوع للمؤمنين به. هذه هي قوة الظلمة."
"هؤلاء فعلة إبليس العامليـن في أمور السِحر، في محلات السِحر، مثل قراء الكف، وطرق عديدة أخرى. وسيط إبليس هو من العمال الاقوياء لإبليس. هؤلاء الأفراد قد خُدِعوا تماماً وبيعوا كاملاً لإبليس. بعض فعلة الظلمة لا يستطيعون حتى التكلـَّمَ مع إبليس إلا عِبر وسيطٍ يتكلم من أجلهم. كما تـُعمل أيضاً ذبائح بشرية وحيوانية لإبليس."
"أعطى العديد من الناس نفوسهم لإبليس. إختاروا ان يخدموه بدلاً عني. إختيارهم هو الموت إلا إذا تابوا عن خطاياهم وطلبوني. لأني أمين وسأنقذهم من خطاياهم. كما ان العديد من النفوس باعت نفوسها لإبليس معتقدينَ بأنهم سيعيشون الى الأبد. لكنهم سيموتون موتاً رهيباً."
"إبليس لا زال يُفكر بأنه يستطيع أن يهزِم اللَّه ويُخرّب خِطّة اللَّه، لكنهُ هُزِّم على الصليب. أخذتُ المفاتيح من إبليس، ولديَ كل القوة في السماء وعلى الأرض.
"بعد وفاة هذه المرأة، جاءت مباشرة الى الجحيم. جلبتها الشياطين قدام إبليس، وفي غضبٍ سألتهُ لماذا تـُسيطر عليها الشياطين هنا، لأنه على الأرض كانت هي التي تسيطر عليهم. إذ كانوا هناك يعملون حسب أمرها. وسألت إبليس أيضاً عن المملكة التي وعدها لها."
"إبليس إستمر في كذبهِ عليها حتى بعد وفاتها على الأرض. قال لها بأنه سيُرجِعها الى الحياة ثانية ويستخدِمها لهدفه ثانية. بإستخدام الخِداع، جلبت إليه العديد من النفوس، لذا فأن أكاذيبهُ بدت لها معقولة."
وتابع يسوع، "لكنه في النهاية، ضحك عليها إبليس واحتقرها. إذ قال لها، )خدعتكِ وإستغلتكِ كل هذه السنين. لن أُعطيك أبداً مملكتي("
لوّح إبليس بذراعيه للمرأة، وبدا لي أن لحمها تمزَّق من عظامها. صرختْ من الألمِ فيما جُلِب كتاب كبير أسود لإبليس. ففتحه وقلب الصفحات باصبعهِ حتى وجد إسمها.
ثم قال إبليس، "ها، نعم. أنت خدمتيني جيداً على الأرض. جلبتِ لي أكثر من خمسمئة نفس. عِقابكِ لن يكون أردأ من الأخرين."
خرجت منه قهقهة شريرة على نحو متقطعٍ. ثم وقف إبليس وأشار باصبعه نحو المرأة فنشأت ريح عظيمة وملئت المكان. وخرجَ مِن الريح صوت مثل عواء رعدٍ.
وقال إبليس ضاحكاً، "ها ها. حصّلي على مملكتكِ إن إستطعت." ثم صفعتها قوة خفيّة وأوقعتها على الأرض.
وإستمر إبليس في ضحكهِ فيما كانت تحاول النهوض قائلاً، "أنتِ ستخدميني هنا أيضاً"
صرخت المرأة من الألم فيما كانت الشياطين تـُمزِّقُ لحمها من عظامها. ثم جُرَّت ثانية الى قَفصِها. تذكّرَتْ وعود إبليس. قال لها أنذاك بأنها ستحوز على كل القوة. وقال لها بأنها لن تمُت أبداً. كما قال لها بأنه لديه القوة على الحياة والموت، وهي صدّقتهُ. قيل لها بأن إبليس في إمكانه مَنع أي شئ مِن قتلِها. وقال لها إبليس أكاذيب كثيرة ووعدها بأشياء كثيرة.
قال يسوع، "أتيتُ لإنقاذ كل الناس. إني أرغب أن يتوب كل الأشخاص الضالين ويدعون إسمي. ليست مشيئتي أن يهلِكَ أحدٌ، بل أن تكون له الحياة الأبدية. مؤسِفٌ القولُ، أن معظم الناس الذين لن يتوبوا عن خطاياهم قبل وفاتهم، سيذهبون الى الجحيم. لكن الذهاب الى السماء هو ذاته لكل الناس، يجب ان تولَدَ ثانيةً كي تدخلُ الى مملكة اللَّه. يجب أن تأتي الى الأب بإسمي وتتوب عن خطاياك. يجب ان تعطي بإخلاص قلبك للَّه وتخدمَهُ."
"يا طفلتي، الشئ الأخر الذي أُريد أن أكشفهُ لكِ أكثر رُهبةً. أعرِف أن ذلك سيُحزِنُكِ. لكني أُريد أن يسمع ويعرِف العالم ما يقوله الروح للكنائس."
"في هذه الحجيرات، بقدر ما تستطيع عينك رؤيته، هناك نفوسٌ متعذبة. إذ تمتلئُ الحجيرات في كل وقت، يُوسِّعَ الجحيم نفسه لإستلام نفوسٍ أكثر وأكثر. لديكِ كل أحاسيسكِ في الجحيم. فإن كنتَ أعمى على الارض، فإنك ستكون أعمى في الجحيم. إن كانت لديك ذِراعٌ واحدة على الأرض سيكون لك ذراعاً واحدة في الجحيم."
ينبغي أن أقول لكم بأن تتوبوا لأن الجحيم مكانٌ فظيع، مكان مرعِبٌ، مكان حُزنٍ رهيب وصرخات أسفٍ أبدية. أرجوكم، أتوسل إليكم أن تصدقوا ما أقوله لكم لأنه حقيقة. كان هذا صعباً جداً عليَّ حتى إني كنتُ مريضة لأوقات كثيرة خلال تحضيري لهذا السِجل.
رأيتُ أشياء في الجحيم كانت أفظع من أن تقال، حتى أكثر من فظاعةِ عويل التعذيب، وروائح اللحم الفاسد، ورهبة نيران الجحيم مع حُفرِها العميقة. كما رأيتُ أشياء لم يُريدني اللَّه أن أكتبها.
حينما تموت على الأرض، إن كُنتَ مولوداً ثانية بروح اللَّه، فأن نفسُك ستذهب الى السماء. إن كُنتَ خاطئاً حينما تموت، فأنك ستذهب في الحال الى الجحيم المشتعلة بالنار. شياطينٌ بسلاسل عظيمة سيجرّون نفسك من خلال مداخل الجحيـم، وستـُلقى هناك في الحفـرة حيث تتعذب. في أوقات معينـة ستـُجلبَ قدام إبليس. نعم ستعرِف وستشعر بكل ما سيحدث لك في الجحيم.
يسوع قال لي ان هناك مكاناً في الجحيم يدعى "مركز التسلية" وأن النفوس المُخصصة لداخل الحُفر لن تجلبَ الى هناك. كما قال لي مع إنه التعذيب مختلف لنفوس مختلفة، إلا أن جميعها تـُحرَق بالنار.
ومركز التسلية مُشكّلٌ كساحة سيرك. تـُجلبَ عِدَّة نفوس مختصة بالتسلية الى حلقة وسط مركز التسلية. هذه النفوس عُرِفتْ بخِدمتها لإبليس على الأرض. هي النفوس التي بإرادتها إختارت أن تتبع إبليس بدلاً عن اللَّه. وهناك نفوسٌ أخرى على جوانب الساحة، عدا تِلك الموجودة في الحُفر.
كانت النفوسُ الموجودة في مركزِ الحلقة زُعماءَ في عالم السِحر قبل وفاتهم. كانوا وسطاء، عرَّافين، ساحرين، ساحرات، قراء الأفكار والمشعوذين، هؤلاء جميعاً إختاروا بكل وعيهم أن يخدِموا إبليس.
حينما كانوا أحياء على الأرض، خَدعُوا العديد من الناس وجعلوهم يتبعونَ إبليس والخطيئة. والذين خُدِعوا ووقعوا في الخطيئة جاءوا وصاروا يُعذبون خادِعيهم.
في واحِدة من حالات التعذيب، فـُكِكت عظامٌ روحية ودُفِنت في أقسام مختلفة من الجحيم. تلك النفس التي فـُكَّت عظامها الروحية تَمزَّقت بكُل معنى الكلِمة وإنبعثرت قطعِها عِبر الجحيم وبدأ نوعٌ من صيد شيطاني لجامعي القطع المُبعثرة. شعرَتْ النفوس المُبترة بألم عظيم. وكان الذين خارج الساحة يَقذِفُون بالحِجـارة على الموجودين داخل الحلقـة. وكان كُل نوع تعذيبٍ مباحـاً. كانت النفوس المُعذبة تصرخ طالبة الموت، لكن هذا موتٌ أبدي. كان إبليس قد أعطى أوامره لكي تنجزَ هذه الأمور. هذا هو مركزهُ المُسّلي.
قال يسوع، "أخذت المفاتيحَ من إبليس منذ سنواتٍ عديدة. أنا جئتُ وفتحتُ هذه الحجيرات وسمحتُ لشعبي بالخروج. لأنه في وقت العهد القديم قبلَ بذل حياتي على الصليب، كان موقع الفردوس جنبَ الجحيم. كانت هذه الحجيرات في وقت ما في الفردوس، والأن يستخدِمُها إبليس لأهدافه الشريرة كما عَمِل حجيراتٍ أكثر.
"أيها القارئ، هل ستتب عن خطاياك قبل أن يمضي الوقت أبدياً؟ لأن الجميع سيقفون أمامي في يوم الحساب."
"نُقل الفردوس من مكانهِ جنب الجحيم حينما متُّ وقـُمت ثانية بقوة اللَّه، أبي."
"سأقول لك ثانية، أن هذه الحجيرات، والتي هي بإرتفاع سبعة عشر ميلاً، تستخدَمُ كسِجن لأؤلئك الذين كانوا فعلة الظلمة لإبليس، ولأؤلئك المتورطين في أي نوع خطيئة مرتبطةٍ بالقوات الشيطانية، ولخدام السِحر وعابدي إبليس."
ثم تابع يسوع، "تعالي، أُريد أن أُريكِ شيئاً."
وفي الحال كنَّا بنحو نصف ميل في الهواء، في مركز بطن الجحيم، وفي منتصف إرتفاع سبعة عشر ميلاً لصفوف الحجيرات. شعرتُ وكأني في بئر حيث لم أستطع رؤية القمة او القاع بسبب الظلام. لكن ضوءٌ أصفر خافِت ملأ المكان. مسكتُ بإحكام على يد يسوع.
سألتُ، "يا عزيزي الرَّب، لماذا نحن هنا؟"
وفجأة هبَّ ريح إعصار قوي مع صوت عظيم صاخِب. وبدأت أمواج عظيمة من النار تتسابق على جوانب جدران الحجيرات، مُحرِقةً كل شئ في طريقها. ووصل اللهيب الى داخِل كُل حجيرة جالِباً صرخات حزن وأسى يُرثى لها.
ومع أننا، يسوع وأنا، لم يلمِسنا اللهيب، لكن رُعبٌ نبِع في داخلي حينما رأيتُ النفوس المفقودة تسرِع الى خلفية الحجيرات الصغيرة، محاوِلةً إيجاد مكانٍ تختبئ فيهِ.
وإرتفع صوتٌ شرير من الجهة اليسرى لنا. نظرتُ وإذ بإبليس واقفاً وظهره نحونا، وكان مُشتعِلاً كلهُ. لكنه لم يحترق، بل هو الذي سَبَّب كل هذا اللهيب.
والأن رأيتهُ واقفاً وسط اللهيب، مُتمتِعاً بصرخات هؤلاء النفوس المفقودة والمسكينة.
خرحت صرخات أسى تكسُرُ القلبَ ونِداءات ألم من داخل هذه الحجيرات. كانت النفوسُ داخل الحجيرات تـُحرق حيَّةً بحماوة أسخنُ من بحيرة النار الملتهِبة، ومع ذلك لم يستطيعوا الموت. كانت الشياطين أيضاً تشترك في الضحك حينما كان إبليس يدخل حجيرة تِلو الأخرى معذباً النفوس المفقودة.
قال يسوع، "إبليس يتغذى على الشَّر. فهو يتعظم في الألم والمعاناة ويكتسِبُ قوةً منها."
راقبتُ إبليس فيما كان اللهيب الأصفر الى الأحمر مع حواف اللهيب البُنية تزدادُ إشتعالاً حوله. ثم هبَّت ريح عاصفة برية على ملابِسهِ لكنها لم تحترِق. ملئتْ رائحة اللحم المحترق الهواء، أدركتُ حينها أن رعب الجحيم هو حقيقي. مشى إبليس خلال اللهيب، ولم تُحرِقه. ومع إني رأيتُ خلفهُ فقط، إلا إني سمِعتُ ضِحكته الشَّريرة في كل مكان.
نظرتُ وإذ بإبليس يصعدُ في سُحبِ دُخانٍ أخذاً معه سيل من النار الى قمة بطن الجحيم. أصغيتُ حين أدارَ نفسهُ وفي صوت عالٍ أعلن إن لم تعبدهُ كل هذه النفوس فإنه سيأتي دورها في مركز التسلية.
وسمعتها تصرخُ بإنسجام فيما بدأت جميعها تنحني عابدةً له وقائلة، "لا، أرجوك، يا إبليس، نحن سنعبُدك،" وكلما إزدادت عبادتهم له، كلما إزداد جوعهُ للوِقار. وصارت ترتفع أصوات التسبيح أعلى وأعلى حتى بدأت عارِضات الجحيم تدّقُ بصخب.
قال يسوع، "كُل هؤلاء الذين في الحجيرات سَمِعوا إنجيل الحق حينما كانوا أحياء على الأرض. في كثير من المراتِ قـُدِّمَ خلاصي لهم. في كثير من المرات سحبتهُم بروحي لكنهم لم يصغوا ليأتوا إليَّ ويخلصوا."
وفيما كان يسوع يتكلَّم، سمِعتُ إبليس يقولُ لرعيته، "ها ها، هذه هي مملكتكم، كل المملكة التي ستكون أبدية لكم. مملكتي تسود كل الأرض وما تحت العالم." وسمِعتهُ يصرخ، "هذه هي حياتكم طوال الأبدية!" فيما كانت صرخاتُ الأسى خارِجةُ من الحجيرات المُحترقة.
قال يسوع، "خلاصي مجاني. أي واحد يُريده، ليأتي ويخلُصْ من مكان العقاب الأبدي هذا. فأنا لن أطرده. إن كنت تعملَ في السِحر او العِرافـة، حتى لو كنت قد عملتَ إتفاقـاً مع إبليس، فإن قوتي ستكسِرهُ، ودمي المسفوك سيُخلـِّصك. أنا سأنزعُ اللعنة الشريرة من حياتك وأُخلـِّصك من الجحيم. إعطِني قلبك حتى أُحَرِّرك من القيود وأجعلك حُرَّاً."
الفصل العاشر
قلب الجحيم
في الليل كنتُ أذهب مع يسوع الى الجحيم، وفي النهار كان الجحيم دائماً أمام عيني. حاولتُ أن أُخبر الأخرين عما رأيتُ، لكنهم لم يُصدقونني. شعرتُ بأني وحيدة جداً، وأنه بنعمةِ اللَّه فقط يمكنني الإستمرار. كُل المجد عائِدٌ للرَّب يسوع المسيح.
في الليلة التالية ذهبتُ مع يسوع الى الجحيم. مشينا على طول ممرات العبور التابعة لبطن الجحيم. إستطعت تمييز بعض أماكنهِ التي رأيتها سابقاً. إختبرتُ ذات اللحم المتعفن، ذات الرائحة الشريرة، ذات المذاق، وذات الهواء الساخِن في كل مكان. كنتُ متعبة جداً.
عرِف يسوع أفكاري فقال، "لن أترككِ أو أتخلـَّى عنكِ. أعرِف بأنكِ مُرهقة، لكنني سأُقويكِ."
قوّتني لمسة يسوع، فواصلنا السير. رأيتُ أمامي شيئاً كبيراً أسوداً، بكُبر ساحة البيسبول وبدا لي أنه يتحرَّكُ الى الفوق والى الأسفل. تذكّرتُ بأنه قيل لي إنه قلب الجحيم.
وعند خروجنا من هذا القلب الأسود رأيتُ ما يُشبه أذرعاً كبيرة أو قروناً. حيث كانت تخرجُ من القلب وترتفع الى الأعلى وتخرج من الجحيم الى الأرض وحول الأرض. تسائلتُ عما إذا كانت هذه القرون هي تلك التي يتكلَّمُ عنها الإنجيل.
وفي كل أنحاء القلب، كانت الأرضُ جافة وبنية اللون. وكانت هذه الأرض، بنحو ثلاثين قدماً من كل الإتجاهات، قد إحترِقت وجفـَّت وصارت بلون صدأٍ الى بُني. كان القلب أكثر سواداً من اللون الأسود، ولكن كان هناك لوناً أخر يُشبه قشرة جلد الأفعى ممزوجاً مع السواد. وكانت تخرجُ رائحة كريهة من القلب في كل مرة ينبضُ القلب. كان يتحرَّك مثل قلب حقيقي ثم ينبِضُ الى الأعلى والى الأسفل. وكان نطاقٌ من قوة شريرة تحيطهُ.
وبدهشة نظرتُ الى القلب الشَّرير وتسائلتُ عن هدفه.
قال يسوع، "هذه الأفرع، التي تشبه شرايين القلب، هي خط أنابيبٍ تصعد عِبر الأرض وتـُريق الشَّر عليها. هذه هي القرون التي رأها دانيـال، إنها تـُمثِلُ مملكـة الشَّر على الأرض. بعضاً منها تواجَدتْ، وبعضها ستتواجد، والبعضُ تتواجد الأن. ستنهضُ مملكة الشَّر، وسيحكمُ عَدّو المسيح على الكثير من الناس والأماكِنِ والأشياءِ. وإن أمكن حتى المُختارينَ سينخدِعوا به. سينحرِف الكثيرون وسيعبُدوا الوحشَ وصورتهُ."
وأضافَ، "مِن هذه الأفرع الرئيسية او القرون، ستنمو أفرعٌ أصغر. ومِن الأفرع الصغيرة هذه ستخرجُ شياطين وأرواح شريرة وكل أنواع القوات الشَّريرة. وستطلق الى الأرض مُرشِدة من قبل إبليس لعملِ أعمالٍ شريرة. هذه المملكات والقوات الشَّريرة ستـُطيع الوحشَ، وكثيرين سيتبعونهُ الى الدمار. إنه هنا في قلب الجحيم ستبدأُ هذه الأمورِ."
هذه كانت الكلمات التي تكلمها يسوع معي. أرشدني ان أكتبها إليكم وأن أضعها في كتاب وأن أقولها للعالم. هذه الكلماتُ صادِقةٌ. هذه الإعلانات أُعطيت لي من قبل الرَّب يسوع المسيح كي يعرِف الجميع ويفهم أعمال إبليس وبرنامجه الشَّرير الذي يُخططهُ للمستقبل.
قال يسوع، "إتبعيني". مشينا صاعدين درجات سُلـَّمٍ الى داخل القلب، حيث كان المدخلُ مفتوحاً. كان داخِـلُ القلبِ مُظلِمـاً تمامـاً. سمِعتُ أصوات صراخ، وكانت هنـاك رائحـة فظيعـة جداً فبالكـاد كنت أستطيع التنفس. كل ما أستطعتُ رؤيته في الظلمةِ كان الرَّبُ يسوع. مشيت قريباً منه.
ثم فجأة، إختفى يسوع! وحدثَ ما لم أتصورهُ. كنتُ وحيدة في قلب الجحيم. إمتلكني الرعب. إستحوذ على نفسي الخوف، وأمسكني الموت.
صرختُ الى يسوع، "أين أنتَ؟ أين أنتَ؟ أوه، تعال يا رب أرجوك." ناديتُ وناديت لكنه لم يسمعني أحد.
نحبتُ، "يا ألله. عليَّ الخروج من هنا." بدأتُ أركض في الظلام. وفيما لمستُ الجدران، بدا لي أن هناك من يتنفس، يتحرك نحوي، ووجدتُ نفسي بأني لستُ وحيدة.
سمِعتُ صوت ضحكةٍ فيما أحـاط بي إثنـان من الشياطين، مُحاطين بضوء اصفرٍ خافت، مسكا بيدي، وبسرعة وضعا السلاسل على ذراعي وإبتدأ بِجرّي الى الأسفل الى عمق القلب. صرختُ يسوع، ولكن لم يكن هناك جواب. صرختُ وقاومتُ بكل قوتي، لكنهما كانا مستمرين بالجَرِّ وكأنه لم أُقدِّمَ أية مقاومة.
وعند دخولنا الى عمق القلب. شعرتُ بألمٍ فظيع حينَ فرَكتْ جسدي قوةٌ شريرة ما. بدا لي وكأن لحمي الحالي قد تمزَّق عني. صرختُ في رعبٍ.
وإستمر مُعتقليَّ بجرّي حتى ألقيا بي داخل حُجيرة. وفيما قفلا الباب، بكيتُ وصرختُ بصوت أعلى. ضحكا بسخرية وقالا، "لن يفيدك صراخك. حينما يأتي وقتك، ستـُؤخذين الى سيدنا. هو سيُعذِبك لِتـُرضيهِ."
تشبَّعَ جسدي من رائحة القلب الفظيعة. بكيتُ دون جدوى قائلة، "لماذا أنا هنا؟ ماذا عمِلتُ خطأ؟ هل أنا مجنونة؟ دعوني أخرج! دعوني أخرج!"
بعد فترة، بدأت أشعرُ بجدار الحجيرة التي كنتُ فيها. كان مستديراً وناعماً مثل شئ حيٍّ. كان حيَّاً، ثم بدأ يتحرك. فصرختُ، "يا رب،". "ما الذي يحدُث؟ يا يسوع، إين أنتَ؟" ولكن لم يجيبني إلا صدى صوتي.
أمسكَ نفسي خوف رهيب. لأول مرة منذ تركني يسوع، بدأتُ أدرِكُ بأني فـُقِدت بدون أي أمل. تنهدّتُ وناديتُ بيسوع مرة تلو الأخرى. ثم سمِعتُ صوتاً في الظلام قائلاً، "لن يفيدكِ دعوة يسوع. إنه ليس هنا."
بدأ ضوءٌ خافِتٌ يملأ المكان. وللمرة الأولى إستطعت رؤية حجيرات أخرى، تـُشابِه حُجرتي، مطمورة في جدار القلب. كان شِبه نسيج عنكبوت قدامنا، وفي داخِلَ كل حجيرة تواجدت مادة موحلة لزِجة كانت تسيل عِبر الحجيرات.
قالت إمرأة في الحُجيرة المجاورة، "إنكِ مفقودة في مكان العذاب هذا. ليس هناك أيُّ مخرج."
كنتُ بالكاد استطيع رؤيتها في ذلك الضوء الخافِت. كانت يَقِظة كما أنا، لكن بدا لي أن ساكني الحجيرات الأخرى كانوا نائمين او في غيبوبة. بكتْ وقالتْ، "لا أمل، لا أمل،"
وقعَ عليَّ شعورٌ بالوحدة الشديدة واليأس التام. لم تساعدني كلماتُ المرأة. ثم قالتْ، "هذا هو قلب الجحيم. هنا نتعذب، لكن عذابنا ليس سيئاً مثل بقية أماكن الجحيم." إكتشفتُ فيما بعد إنها كانت تكذِبُ عما قالته بأن العذاب في هذا المكان هو أقل عذاباً من بقية الأماكن في الجحيم.
وإستمرتْ المرأة، "بعض الأحيان سنقِفُ قدام إبليس فيبدأ بتعذيبنا لإرضاءِه. إبليس يتغذى على ألامنا وينمو قوياً على صُراخنا ويأسنا وحزننا. خطايانا هي دائماً قدامه. نحن نعلمُ أننا أشرار. نعلمُ أيضاً بأننا عرِفنا مرةً الرَّب يسوع ولكن رفضناه وإبتعدنا عن اللَّه. عمِلنا كما يحلو لنا. قبل مجيئي الى هنا كنتُ عاهِرة. أخذتُ أموال الرجال والنساء ودعوتُ ذلك حبَّاً، حطَّمتُ الكثيرَ من البيوت. يتواجدُ العديد من النِساء المُساحِقات واللوطيين والزناة في هذه الحجيرات."
صرختُ عالياً في الظلمة، "لستُ عائِدة لهذا المكان. إنني مُخلـَّصَةٌ. إني عائِدة الى اللَّه. لماذا أنا هنا!" ولكن لم يكن هناك أي جواب.
ثم رجع إثنان من الشياطين وفتحا باب الحُجيرة. ثم جرَّني واحِداً منهما أما الثاني فدفعني على ممرٍ وعر. لَمسةُ الشياطين كانت مِثل لهيبٍ مُحرِقٍ على لحمي. كانا يُعذِبانني.
صرختُ، "أه يا يسوع، أين أنت؟ أرجوك ساعدني!"
ثم برزتْ نار صاخبة قدامي لكنها توقفت قبل أن تلمِسني. الأن، بدا لي وكأن لحمي صار يتمزَّقُ من جسدي. وشعرتُ بألمٍ فظيعٍ لا أستطيع تصوره يكتسحِني. كنتُ أتألمُ لدرجةٍ لا يمكن تصورها. كان شئٌ مخفيٌّ يُمزِّقُ جسدي، بينما كانت الأرواح الشَّريرة بشِكل خفاشات تعضّني في كل مكان من جسدي.
صرختُ، "عزيزي الرَّب يسوع. أين أنتَ. أه أرجوك، دعني أخرج من هنا!"
كانا يدفعاني ويَجراني الى أن وصلنا الى مكانٍ مكشوف في قلب الجحيم، ثم أُلقيت قـُدام ما يُشبه مَذبحٍ وسِخ. كان على المَذبح كِتاباً كبيراً مفتوحاً. سمِعتُ ضِحكةٍ شريرة وأدركتُ بأنني مُلقاة في القذارةِ قدام إبليس.
قال إبليس، "وأخيراً حصلتُ عليكِ!"
تراجعتُ في رعب ولكني أدركتُ حينئذ بأنه لم يكن ينظر إليَّ بل الى نفسٍ أخرى قدامي. قال إبليس، "ها ها، أخيراً أصبحتُ قادراً على تدميرك من الارض. دعني أرى ما سيكونُ عِقابك." فتح الكتاب ومر باصبعهِ على الصفحات. ونادى إسم النفسِ وعُيـِِّنَ العِقاب.
صرختُ، "يا عزيزي الرَّب هل ممكنٌ ان يكون هذا حقيقياً؟"
جاء دوري، دفعني الشياطين الى فوق على منبرٍ وأجبروني على الإنحناء قدام إبليس. دوتْ ذاتَ الضِحكةِ الشريرة منه. ثم صرخَ في بهجةٍ خبيثة، "إنتظرتـكِ منذ وقت طويل، وأخيـراً حصلتُ عليـكِ. حاولتِ الهروبَ مني، الأن حصلتُ عليكِ."
إمتلكني خوف لم أشعر به في السابق أبداً. بدأ لحمي يتمزَّقُ مني ثانيةً، وكانت سلسلة عظيمة مُلتفةٌ حول جسدي. نظرتُ الى الأسفل على نفسي حيث السلسلة الموضوعة عليَّ. كنتُ أُشبِهُ الأخرين. كنتُ بهيكل عظمي مملوءةَ عظاماً ميّتة. كانت الديدان تزحفُ داخلي وبدأ النار عند قدمي وطوّقني اللهيب.
صرختُ ثانيةً، "يا رب يسوع، ماذا حدثَ؟ أين أنتَ يا يسوع؟"
ضحك إبليس وقال، "يسوع ليس هنا، أنا مَلِكُكِ الأن. ستكونين معي الى الأبد. أنتِ لي الأن."
أُمسِكتُ بإنفعالات شنيعة جداً. لم أعد أشعر باللَّه، أو بالمحبَّة، او بالسلام، أو بالدفء.
ولكني كنتُ أشعرُ بإحساسٍ عارٍم جداً بالخوفِ والحِقد والألمِ الفظيع والأسى بدرجة مُفرطة. ناديتُ بيسوع لكي يُخلـِّصني، ولكن لم يكن هناك من جواب.
قال إبليس، "أنا ربُّـكِ الأن،" ورفع بذراعهُ لإستدعاءِ شيطان الى جانبه. وفي الحال، ظهرت روح شريرة بغيظة على المنبر حيث كنتُ واقفة ومسكتني بقوة. كان له جسم كبير، ووجهه يُشبه الخفاش، ومخالبٌ في يديه، ورائحة شريرة تنبعِثُ منه.
وسأل الروح الشرير فيما كان شيطان أخر، مُشعَّر كُلُّ جِسمه ووجهه يُشبه خنزير بري، مُمسِكٌ بي أيضاً، "يا رب إبليس، ماذا تريدني أن أفعل بها؟"
أجابه إبليس، "خذها الى أعمق مكان في القلب، في مكانٍ حيث يكونُ الرعب دائماً قدام عينيها. هناك ستتعلمْ أن تناديني ربَّـاً؟"
جُرِرتُ الى مكان مُظلمٍ جداً وأُلقيت على شئ بارِدِ ودبق. أوه، كيف يستطيع الشخص ان يشعُر بالبرد والإحتراق في أنٍ واحد؟ لا أعرِف ذلك. لكِن النار تـُحرِق جسدي، والديدان تزحفُ عليَّ وفِيَّ. وملأ عويلُ الموتى الهَواء.
صرختُ بيأس، "يا رب يسوع. لماذا أنا هنا؟ يا عزيزي اللَّه، دعني أموت."
وفي الحال ملأ النورُ المكانَ حيث كنتُ جالِسة. ظهرَ يسوع وأخذني بين ذراعيهِ وللوقت وجدت نفسي في بيتي.
قلتُ باكيةً والدموعُ تجري على خدودي، "يا عزيزي الرَّب يسوع، أينَ كُنتَ؟"
وبصوتٍ حنون قال، "يا طفلتي، الجحيم حقيقي. لكِنه لم يكن باستطاعتِك أن تعرفي بالتأكيد إلا إذا إختَبرتِ ذلك بنفسك. الأن تعرفين الحقيقة وكيف هي الحالة فعلاً للنفسِ المفقودة في الجحيم. الأن تستطيعين أن تقولي للأخرين عن ذلك. كان عليَّ ان أدعَكِ تختبرين ذلك حتى تعرفي بدون أيّ شَكٍّ."
كنتُ حزينة ومُتعبة جداً. إنهرتُ بين ذراعي يسوع. ومع إنه أعادني كامِلة، إلا إني أردتُ أن أذهبَ بعيداً، بعيداً عن يسوع، عن عائلتي، وعن كُل شخص.
خلال الايام التالية في بيتي، كنتُ مريضة جداً. كانت نفسي حزينةٌ جداً، وكان رعب الجحيم دائماً أمام عيني. مرَّت أيام عديدة حتى إستعدتُ صِحتي بصورة كاملة.
الفصل الحادي عشر
الظلمة الخارجية
ليلة بعد أخرى كنَّا، يسوع وأنا، نرجعُ ثانيةً الى الجحيم كي أتمكنَ من عملِ سِجل لهذه الحقائق الفظيعة. في كل مرةٍ كنَّا نعبر القلب، كنتُ أمشي بقربه مُباشرة. وكان خوفٌ هائِلٌ يُمسك نفسي في كل مرة أتذكرُ ما حدث لي هناك. كنتُ أعرِف أنه عليَّ الإستمرار من أجل خلاص النفوس. لكن ذلك لم يكن إلا من خلال رحمة اللَّه التي جعلتني أعود الى هُناك ثانيةً.
وقفنا أمام مجموعة من الشياطين كانوا يُغنون ويُرتِلون ويُسبِّّحون إبليس. بدا لي وكأنهم يُمتـِّعون أنفسهم كثيراً. قال يسوع، "سأدعَكِ تسمعينَ ما يقولونه."
فسمِعتهم يقولون، "سنذهب الى هذا البيت اليوم ونُعذب من يتواجـد فيه. سنحصلُ على قوة أكبـر من الرَّب إبليس إن عمِلنا ذلك بصورة جيدة،"
وإستمروا قائلين، "إغ، نعم، سنُسَبِّب الكثير من الألام والأمراض وحُزن كبير للجميع هناك."
وقال واحِداً منهم، "علينا أن نراقِب بعناية هؤلاء الذين يؤمِنون بيسوع، لأنهم يستطيعون طردِنا."
وقال أخر، "نعم. فإنه بإسم يسوع علينا أن نهرب."
قال يسوع، "ملائكتي تحفظُ شعبي من هكذا أرواح شريرة، فأعمالهُم لا تنجح. كما إني أحمي الكثيرين مِن غير المُخلـََّصين مع أنهم لا يعرِفون ذلك. لدي الكثير من الملائكة تعملُ لوقفِ خطط إبليس الشريرة."
وأضاف يسوع، "هناك العديد من الشياطين في الهواء وعلى الأرض. أنا سمحتُ لكِ أن ترين قسماً مِنها، ولكن لن ترينَ البقية. لهذا السبب ينبغي ان يُكرز حق الإنجيلِ لكُل إنسان. الحق سيُحرِّرَ الناس، وأنا سأحميهُم من الشَّرير. بإسمي هناك نجاة وحريـة. لدي كل القوة في السماء والأرض. لا تخافـوا إبليس، بل خافوا اللَّه."
وفيما كنا نمشي من خلال الجحيم، قابَلنا بغيرِ توقع رجلٌ ضخمٌ وقاتِم جداً. كان مخفيٌّ في الظلمةِ وله مَنظرَ ملاكٍ. كان مُمسِكاً بشئ في يده اليسرى. قال يسوع، "هذا المكان يُدعى الظلمة الخارجية."
سمِعتُ بكاء وصرير الأسنان. لم أشعر سابقـاً بمِثـلَ هذا اليأس المطلق في أي مكـان أخر. وكان الملاك الذي وقف أمامنا بدونِ أجنحة. كان طوله نحو ثلاثين قدماً، وكان يعلمُ بالضبط ما كان يفعلهُ. كان في يده اليسرى قرصٌ كبير وصار يرفعُ القرص عالياً ويديرهُ بِبطئ وكأنه يُجهِّزُ حاله لقذفهِ.
كان هناك نارٌ في منتصف القرص وسواد على حوافهِ الخارجية. وكان الملاك يُمسك القرص بيده مِن تحت ثم أرجعَ القرص الى الوراء كي يقذفِهُ بقوةٍ أكبر.
تسائلتُ من يكون هذا الملاك العملاق وماذا يريد أن يفعل.
يسوع عرِف أفكاري فقال ثانية، "هذه هي الظلمة الخارجية. تذكّري أن كلمتي تقول: أن أولاد المملكةِ سيُلقونَ في الظلمة الخارجية وسيكون هناك بكاءٌ وصرير الأسنان."
قلتُ، "يا رب، هل تقصد أن خُدامك هم ههنا؟"
"نعم. الخدام الذين إرتدوا بعد دعوتي لهم. الخدام الذين أحبُّوا العالم أكثر منّي ورجعوا الى التمرُّغِ في وحل الخطيئـة. الخدام الذين لا يقِفون مع الحق ومع القداسـة. إنه من الأفضلِ ان لا يبدأ أحدٌ عن أن يرتدَّ بعد بداية خِدمتهِ لي."
"صدقوني، إن أخطأ أحدٌ لهُ من يُدافع عنه عند اللَّه. إن تاب من خطاياه، فأني أمينٌ لأُطهِّرهُ من كل إثم. ولكن إن لم يتب، فإني سأتي في وقتٍ لا يُفكِرُ فيه، وسيُعزل مع الملحدين ويُلقى في الظلمة الخارجية."
راقبتُ الملاك القاتم وهو يُلقي القرصَ بعيداً، بعيداً جداً في الظلمة.
فيما تابع يسوع كلامهُ، "كلمتي تعني حقاً ما تقولهُ: إنهم سيُلقَونَ في الظلمة الخارجية."
وفي الحال، كنَّا، يسوع وأنا، في الهواء نُتابِعُ القرص في الفضاء. ثم جئنا الى جهته الخارجية ووقفنا ننظرُ فيه.
كان هناك نارٌ في مركز القرص، وكان الناس يسبحونَ فيه وخارِجهُ، تحت أمواج اللهيبِ وفوقه. لم يكن هناك شياطين أو أرواح شريرة، إنما نفوسٌ تحترِق في نهرٍ ناريٍّ.
وكان لون الجهةِ الخارجية من القرص الأسود ظلاماً. ولم يُنير الهواء الليلي إلا النورِ الخارِج من اللهيبِ في القرص. في تلك الليلة رأيتُ أناساً يُحاوِلونَ السِباحةَ الى حواف القرص. وكان قسماً منهم على وشك الوصول إليها حتى أتَتْ قوة ماصَةٌ من داخِل القرص وسَحبتهُم الى داخل اللهيب. وكنت أراقِبهُم فيما كانت أشكالهُم تتحولُ الى نفوسٍ ذات هياكل عظمية بغشاوة رمادية. عرِفتُ حينئذٍ أن هذا كان جزءاً أخر من الجحيم.
ثم رأيتُ وكأنه رؤية، ملائكةً تفتحُ ختوماً. ورأيتُ أن شعوباً وممالِك مُقفلٌ عليهم تحت الملائكة. وحين كسرَ الملائكة الخُتومَ، سارَ الرجال والنساء والشباب والشابات مباشرة نحو اللهيب.
راقبتُ ذلك المشهَد المُروع، متسائلةً إن كنتُ أعرِفُ احداً مِن هؤلاء خدام الرَّب الساقطين الذين يمشونَ ضِمنهم. لم أستطِع أن أدير رأسي مِن منظرِ النفوسِ وهي تسير نحو اللهيب، ولم يكن هناك من يحاوِلُ إيقافهُم. فبكيتُ، "يا رب، أرجوك أوقِفهُم قبل أن يصِلوا الى النار!"
لكن يسوع قال، "من له أذأن فليسمع ومن له عيون فلينظر. يا طفلتي، نادي ضد الخطيئة والشَّر. قولي لخدامي بأن يكونوا أُمناء وأن يدعو بإسم الرَّب. أنني أخذكِ الى هذا المكان الفظيع لكي تقولين لهم عن الجحيم."
وإستمرَّ يسوع، "قسماً منهُم لن يُصدِّقونكِ. قسماً منهم سيقول لكِ أن اللَّه أفضلُ بكثير من أن يُرسل رجالاً ونساءً الى الجحيم. ولكن قولي لهُم أن كلمتي حق. قولي لهم بأنَّ الخائِفين والمُلحدين سيكون نصيبهم في بحيرة النار."
الفصل الثاني عشر
القرون
قال يسوع، "هذه الليلة يا طفلتي، سنذهب الى جزءٍ مُختلف مِن قلب الجحيم. أُريد أن أُخبرُكِ عن القرون وأُريكِ كيف ستستخدم لإرسال أرواح شريرة وقوات شيطانية على سطح الأرض."
وفيما تكلم يسوع، صِرتُ أشهَدُ رؤية مكشوفة. في الرؤية، رأيتُ بيت مزرعةٍ قديم، لا حياة فيه رمادي اللون، وكان مُحاطاً بأشجارٍ عالية ميّتة وعشبٌ ميّت. وكانت الساحة حول البيت مُبعثرٌ عليها أشياءً ميّتة. لم تكن هُنـاك حيـاة. وبدا البيتُ وكأنـه مُستقِرٌ عِند الزوايا وغائِصٌ في مركز المزرعة. ولم أرى هناك أيَّةَ بيوتٍ.
كان الموتُ في كل مكان. عرِفتُ ان بيتَ المزرعةِ هذا هو جزءٌ من الجحيم، لكني لم أكُن بعد أفهمُ ما كنتُ أراه. في الداخل، خلفَ النوافِذِ القذِرة، لاحَتْ ظِلالٌ كبيرة في أشكالٍ بشرية. كان هناك شيئاً شريراً ما بخصوص مَظهَرهِم. تحرَّكَ أحد هذه الأشكالِ نحو الباب الأمامي وفتحهُ.
راقبتُ وإذ برجلٍ ضخمٍ ذو عضلاتٍ مَفتولَةٍ جداً خرج من الباب ومشى في الرِواق. رأيتهُ بوضوح. كان بطول ستة أقدام وذو بُنيةٍ ضخمة لرافِع أثقالٍ. كان لونه يُشبه اللون الرمادي الميّتِ للبيئةِ المحيطةِ. ويرتدي زوج ملابسٍ داخليةٍ رجالية فقط بلون رمادي وذي منظر ميّتٍ مثل الجلدِ العاري لصدرِه. كان لحمه كأنه مُكتسياً بقشور ورأسهُ كان كبيراً جداً. في الواقع، كان حجمَ رأسه بهكذا كُبرٍ حتى أن ساقيه كانت منحنية من حَملِ هذا الحِمل الثقيل. وكانت أقدامه مظلفة كأقدام خنزير. وكان وجهه عابِساً وشريراً، وبدا لي إنه كبير في السن. كانت عينيه ميّتة ووجههُ عريضٌ.
في الرؤية، رأيتُ هذا الكائِن البغيض ماشياً على رواق قديم. إهتزت الأرض حينما تحرَّك، ونمتْ قرون كبيرة على قِمة رأسهِ، نمتْ هذه القرون أكثر وأكثر حتى صارت بمنأى عن النظر. وعند تحرَّكه، رأيتُ هذه القرون وهي تنمو ولكن ببطء. كما أن قروناً أخرى بدأت تنمو على رأسهِ. ثم تبرعمَتْ قرون صغيرة من القرون الكبيرة. ورأيتُ أن رأسه كان مثل رأسَ وحشٍ، كوحش شرير قوي جداً مُمتلئاً دماراً. كل خطوة كان يخطوها كانَ يهزُّ الأرض.
قال يسوع، "أُنظُري"
رأيتُ القرون فيما كانت تشق طريقها نحو الأعلى ودخلتْ نهاياتها في البيوتِ والكنائسِ والمستشفيات، والمكاتب وفي كل أنواع البناياتٍ على كل الأرض. عمِلَتْ القرون ضرراً عظيماً على اليابسة. رأيتُ الوحش يتكلمُ وبدأت الأرواح الشريرة تبصِقُ على الأرض. ورأيتُ العديد من الناس قد أُغويَتْ عن طريق هذه القوات الشيطانية ووقعتْ في فِخاخ إبليس.
فكرتُ، نحن في حرب الخير ضد الشَّر.
حينئذ سمِعتُ روح الرَّب يقول، "نحن في حربٍ، الخير ضد الشَّر."
خرجتْ سُـحبٌ مظلِمة من القـرون وأخفتْ العديـد من أشـكال الشَّـر الـذي ظهـر علـى الأرض. كـل الرجاسات التي يكرهها اللَّه كانتْ هناك. رأيت ممالِك تنشأ على الأرض، وصارتْ الملايين من الناس تتبعُ هذه القوات الشريرة. ثم رأيتُ القرون القديمة وقد أُزيلَتْ ونمَتْ قرون صغيرة مكانها.
سمعتُ يسوع وهو يقول، "هذا بدأ يحدثُ الأن! هذه الأشياء موجودة، كانت موجودة وستكون موجودة. سيكون الناس مُحبينَ لأنفسِهم بدلاً عن اللَّه. سيتفشى الشَّر في الأيام الأخيرة. سيُحبَّ الرجال والنساء بيوتهم وسياراتهم وأراضيهم وبناياتهم وأعمالهم الحرة وفِضتهم وذهبهم أكثر مني."
وتابع يسوع قائلاً، "توبوا. لأني إلهٌ غيور. لا ينبغي أن يعترِضَ أيَّ شئ عبادتك لي، لا أبناء ولا بنات ولا زوجات ولا أزواج. لأن اللَّه روح ويجب ان يُعبَدْ بالروح والحق."
راقبتُ حينما تحرّكت القرون على وجه الأرض، مرتفعةً عالياً في السموات. ثم نشأت مملكة جديدة، وكان هناك حرب ودمار في كل اليابسة. وكان الذين يعبدونَ الوحش كثيرون جداً.
وكان الوحش الشرير ذو القرون يمشي الى الخلف والى الأمام وكأنه كان يُفكر، وأهتزَّت الأرض تحت ثقله. ثم بعد دقائق رجع الى بيت المزرعة. ظهرت سُحب مُظلِمة، ومات الكثيرون على اليابسة.
رأيتُ العالم وسط مِحنة عظيمة فبدأت أُصلي من كل قلبي باكيةً، "يا رب ساعدنا،"
ثم برز على الأرض وحشان كبيران بأشكال روحيّة وبدأ بشنِّ حربٍ على بعضهما البعض. عرِفتُ أنهما جاءا من الجحيم.
وقف بحرٌ من الناس يراقِبُ المعركة بين هذين الوحشين. ثم رأيتُ شيئاً يبرزُ من سطح الأرض وسطهما. توقفا عن القتال ووقفا على جهتي سفينة كبيرة. وحاول كلاهما تدمير السفينة، لكنهما لم يستطيعا. دفعا بالسفينةِ الى داخل الأرض، ودفنـا السفينة بينهمـا. ثم وقفا وجهـاً لوجه مرة أخرى، إستعداداً لإستئناف الحرب.
ثم سمِعتُ صوتاً يقول، "أُنظُري"
وفيما نظرتُ، رأيتُ ضوءاً على سطح الأرض حيث كانت السفينة مدفونة. ثم ظهرت السفينة ثانيةً على سطح الأرض وصارت قرصاً كبيراً. ثم أخذ كلا الوحشان أشكالاً أخرى وصارا بحجم كبير وأسود. ثم أنفتح باب في مقدمة القرص وظهر شعاع نور قويٍّ كشف عن مجموعة من السلالم. نزلت السلالم الى داخل الأرض، وسمِعتُ صوتاً يقول، "الى الجحيم!"
كان هناك أحساس شر قوي في الهواء، وفيما كنتُ أُراقبُ شعرتُ بنفسي ضائِعة ومتروكة. ظهرت قوة صاعقة من القرص، ولم أعرِف الى أين أهرب. شعرتُ بأنني وقعت في فخ، مع إني كنتُ في الروح.
وفي الحال، رفعني يسوع عالياً وعالياً حتى صرِتُ أنظر من فوق على الرؤية. لكني لاحظتُ أن السلالم أصبحت الأن سُلـَّماًً دوّاراً، حيث كان يتحرك صعوداً ونزولاً من قلب الأرض. حينما كنتُ جنب يسوع، كنتُ أشعرُ بالأمان والحماية. ثم سمعتُ صوتاً، "سيخرُج من الجحيم."
قال يسوع، "هذا سيكون. لم يأت الوقت بعد. إكتِبي للجميع ليعلموا."
في رؤيتي كان السُلـَّم الدوّار ينقلُ القوات الشيطانية والأرواح الشريرة الى فوق. ثم وقف الوحشان على جهتي السفينة، وبدأ بالتغيير ثانية. سمِعتُ صوت هدير مثل صوت مُحرِّكٍ يدور بسرعة عالية. ثم صار رأسَي الوحشان أكبر، وبدأ نورٌ يملأ رأسيهما. ثم رأيتُ الوحشان والسفينة وكأن الثلاثة إتحدوا مع بعض.
ورأيتُ الكثيرين من النفوس، وكأنهم ماشين في منامهم، يسيرون نحو أحد الوحشين. كنتُ أُراقبُ هذا المنظر الرهيب لساعاتٍ طويلـة، وفي النهايـة قـال الوحش الأول: إني إمتلئتُ كفاية من الناس. وفيمـا كنتُ أصغي، صدر صوت هدير عظيم من الوحش الأول وكأن طائرة تستعِد للإنطلاق. أخذ الوحش قوتهُ من السفينة. وفيما إستعدَ للطيران، رأيتهُ مرة ثانية بهيئةِ إنسان. وعندما طار، بدا لي رأسهُ مملوءاً من أنوار ومن قوات عظيمة إنبثقتْ مِنه.
وفيما إختفى في السموات، صار رأسه سفينة ثانيةً.
وكان صوتُ الوحش الأول ما زال في مسامعي، حين نظرتُ الوحش الثاني وهو ممتلئ من النفوسِ. وعند إمتلائِه رأيتُ الوحش الثاني طار مباشرة مثل صاروخٍ. وإلتحق بالوحش الأول ثم تحرَّك الإثنان ببطء الى داخل سماءٍ رمادية. وكان الوحش الثاني أيضاً قد أخذ شكل إنسان. وسمعتُ صوت هديرهما عالياً حتى غابا عن الأنظار.
تسائلتُ ما معنى هذا. رأيتُ السفينة، او القرص، وقد إستقرت ثانية على الارض. ثم غطـَّتها الأرض حتى غابت السفينةُ عن الأنظار. وفيما كانت الرؤية تتلاشى، رأيتُ قاعة محكمةٍ كبيرة، وفكّرتُ في العرش العظيم الأبيض في يوم الحساب.
الفصل الثالث عشر
الذراع اليمنى من الجحيم
بعد الرؤية الأولى، ذهبنا، يسوع وأنا، الى جزء مختلف من الجحيم. قال يسوع، "هذه الأمور التي ترينها تخصُّ نهاية الزمان." ثم رأيت أمامي رؤية أخرى.
قال يسوع، "نحن في الذراع اليمنى للجحيم."
صعدنا على تلة عالية وجافة، نظرتُ الى الأسفل فرأيت نهراً يجري كالدوامة. لم يكن هناك حُفر نار او شياطين أو أرواح شيطانية، كان هناك فقط نهر كبير يتدفقُ ما بين منحدرين. كان مُنحدرا النهر مخفيّان في الظلام. مشينا، يسوع وأنا، نحو النهر، فرأيته مملوءاً بالدم والنار.
ونظرتُ بدقة، فرأيت العديد من النفوس، كل واحِد مقيدٌ بسلسلة بالأخر. وسبَّبَ ثقل السلسلة في سَحبهم الى داخلِ بحيرة النار.
كانت النفوس في الجحيم تحترق في نار الجحيم. ورأيتُ أن النفوس كانت في أشكال هياكل عظمية مع غشاوة رمادية.
سألت الرَّب، "ما هذا."
أجاب يسوع، "هذه هي نفوس المُلحدين والأثمة. هؤلاء كانوا مُحبين لأجسادهم أكثر من محبتهم للَّه. كانوا رجالاً محبي رجال، ونساء محبي نساء، الذين لم يتوبوا ويخلصوا من الخطيئة. كانوا يتمتعون بحياة الخطيئة وتقيأوا خلاصي."
وقفت بجانب يسوع ونظرتُ الى بحيرة النار. بدأ النار يهدر مثل فرن عظيم، متحركاً وملتهماً كل شئ في طريقه. وبعد قليل ملأ النار تقريباً كُل الذراع اليمنى للجحيم.
ودنا النار حتى وصل الى قدمٍ واحدٍ مِنَّا، ولكنه لم يلمسنا. كان النهر يُحرِق كل شئ في طريقه. نظرتُ الى وجه يسوع فرأيته حزيناً وشفوقاً. إذ كانت محبته وشفقته لهذه النفوس لا تزال مكتوبة على سيماء وجهه. بدأتُ بالبكاء وتمنيتُ أن أُغادر مكان العذاب هذا، إذ كان الإستمرار لا يُمكن تحمّله.
نظرتُ ثانية الى النفوس في النار. كانت النفوس حمراء ملتهبة وعظامها قد إسودت واحترقت. وسمعتُ النفوس تصرخ في أسفٍ وأسى.
قال الرَّب، "هذا هو عذابهم. سلاسل تلو السلاسل، مرتبطين مع بعض بحلقات. هؤلاء أحبُّوا أجسادَ نوعِهِم، رجل مع رجل، وإمرأة مع إمرأة، عاملين ما هو غير طبيعي. قادوا العديد من الفتيات والصبيان الى أعمال إثم. دعوا إسمه حب، ولكن في النهاية كان خطيئة وموت."
"أعرِف أن العديد من الفتيات والصبيان، رجالاً ونساءأً كانوا مُجبرين ضد إرادتهم لإرتكاب هكذا أعمال شنيعة. أنا أعرِف وسوف لن أُحمِّل هذا الذنبُ الى تهمتِهِم. ولكن تذكري، إني أعرِف كل الأشياء، وان الأشخاص الذين جعلوا هؤلاء الشباب يخطئون لهم عِقاب أعظم. سأحكُمُ بعدل. وأنا أقول للخطاة، توبوا وأنا سأرحمكم. إدعو إسمي وأنا سأسمع"
وأضاف يسوع، "كنتُ مرة بعد الأخرى أدعو هذه النفوس للتوبة والمجئ إليَّ. لكُنتُ غفرتهم وطهَّرتهم. وبإسمي كان بإمكانهم أن يتحرروا. لكنهم لم يصغوا إليَّ. كانوا يرغبون شهوة الجسد أكثر من محبتهم للَّه الحي. ولأني قدوس، ينبغي عليكم أن تكونوا قديسين. لا تلمسوا شيئاً نجساً وأنا سأقبلكُم"
شعرت بأني مريضة جداً فيما كنتُ أنظر الى النفوس في بحيرة النار.
وقال يسوع، "لو إتجهوا إليَّ فقط قبل فوات الأوان. دمي أُريقَ كي يتمكن كل واحد من المجئ إليَّ. أعطيتُ حياتي كي يتمكنَ حتى أحقر الخطاة العيشَ."
كانت جموع من النفوس تمرُّ في نهر اللهيب. فوق وتحت أمواج النـار، ذهبـوا بدون أي مخرج من الإحتراق والسباحة في بحيرة النار.
ثم صعدنا الى ممرٍّ بجانب النهر. فرأيتُ قدامنا إمرأة جالسة على تلة، كانت إمرأة ضخمة. كانت تتمايلُ الى الخلف والى الأمام وكأنها سكرانة. وكانت هذه الكلمات مكتوبة عليها "لغز بابل."
عرِفتُ الأن أنَّ أم الرجاسات على الأرض جاءت من الجحيم. وكانت قوة شريرة وعظيمة تنبثقُ منها. رأيت جموعاً من الناس والألسِنة تحتها. كان لها سبعة رؤوس وعشرة قرون. فيها وجـِد دم الأنبياء، القديسين وكل المذبوحين على الأرض.
قال الرَّب، "إخرجوا منها وكونوا مُفرزين. فهي ستـُدَّمرُ في وقتها."
ومشينا مجتازين المرأة الشريرة ذات القرون على الرأس. وبدأ كل شئ بالظلام. وكان يسوع وحده منيراً هناك. مشينا حتى وصلنا الى منحدر تلـَّةٍ أخرى. وإستطعت النظر الى مسافة فوجدت لهيباً حامياً في الهواء.
سِرنا حول التلة وأتينا الى باب كبير ذو شقوق مُقطـَّعة فيه. وكان موقـع الباب على جانب التلة. وكانت سلسلة كبيرة على الباب، وبدأ اللهيب ينبعث منها. وكان الباب مقفلاً بقفل كبير. تسائلتُ ما معنى كل هذا.
وفي الحال، ظهرت هيئة داكنة لرجل، مرتدياً رداءَ طويلٍ وداكِن، قدام الباب. وبدا من منظر وجهه بأنه كبير في السن ومُتعب جداً. كان جلد وجهه قد شُدَّ بإحكام بإتجاه عظام جمجمته. وبدا لي أن عمره يتجاوزُ ألفَ سنة.
قال يسوع لي، "خلف هذا المدخل تتواجد حُفرة بدون قاع. كلمتي حق."
وكان اللهيب خلف الباب عالياً حتى تورَّم الباب من ضغط الحماوة.
قلتُ، "يا عزيزي الرَّب. سأكون فرحة حين يُلقى إبليس في حُفرة بلا قاع وأن تتوقف كل هذه الأشياء الشريرة لفترة."
أجابني يسوع، "تعالي، إسمعي ما يقوله الروح للكنائس. النهاية قريبة، وأنا أدعو الخطاة الى التوبة لكي يخلَصوا. أُنظري الأن."
كنَّا نقف على أرض يابسة، وكنتُ مع الرَّب في الروح. نظرتُ ورأيتُ رؤية مكشوفة. في الرؤية رأيتُ ثعباناً ناريّاً بدأ يضرب الهواء بذنبه الهائل. ونظرتُ فيما كان الثعبان الروحي يتحرك بقوة رهيبة.
ثم رأيتهُ راجعاً الى الذراع اليمنى للجحيم وإنتظرَ هناك. عرِفتُ إنه لن يضرب الأرض حتى تـُنجزَ كلمةُ اللَّه.
رايتُ نار ودخان يصعدان على الارض، ورأيتُ غشاوة غريبة وكأنها مُشكّلة حول الأرض. ورأيتُ رُقعاتٍ من الظلام هنا وهناك، وقرونٌ بدأت بالنمو على رأس الثعبان الناري. وإمتددت هذه القرون حتى غطَّت كل الأرض. ثم أعطى إبليس أوامره للثعبان الناري. فرأيتُ هذا الثعبان الناري الشرير يخرجُ من الذراع اليمنى للجحيم وبدأ بضرب الأرض بقوة عظيمة، مؤذياً ومُدمِّراً العديد من الناس.
قال يسوع، "هذا سيحدث في نهاية الزمان. تعالي الى عُلوٍ أكثر."
ايها القارئ، إن كُنتَ قد إرتكبت أي خطيئة من التي كتبتُ عنها، أرجوك توقف عنها وإدعو يسوع ليُخلـِّصك. لا ينبغي عليك أن تذهب الى الجحيم. إدعو الرَّب فيما هو قريب. هو سيسمعك ويُخلـِّصك. أي واحد يدعو بإسم الرَّب سيخلص.
الفصل الرابع عشر
الذراع اليسرى للجحيم
نُبُوّة من يسوع للجميع. قال يسوع، "هذه الأشياء بدأت تحدثُ الأن في الأرض، وهي في طريقها، وستأتي قريباً على الأرض. الثعبان الناري هو جزءٌ من الوحش. هذه النُبوّات التي تقرأها صادقة. هذه الإعلانات صادقة. إنتبه وصلَّي. أحِبُّوا الواحد الأخر. إحفظ نفسك طاهِراً، إحفظ يديك طاهِرة."
"أيها الأزواج، أحبُّوا زوجاتكم كما أحبَّ المسيح الكنيسة.أيها الأزواج والزوجات، أحبُّـوا الواحد الأخر كما أحببتكم. أنا عيَّنتُ الزواج وباركته بكلمتي. إحفظ مضجعَ الزواج طاهراً. طهِّروا إنفسكم من كل إثم وكونوا طاهرين كما أنا طاهر."
"شعب اللَّه المقدس قد ضلَّ طريقه بسبب الإطراء. لا تنخدِعوا: اللَّه لا يُستهزأ به. سيأتي إليك الفِهم وذلك بأن تفتح أذانك وتستمِع لي. هذه رسالة الرَّب الى الكنائس. إنتبهوا من الأنبياء المُزيّفين الذين يقفون في مكاني المقدس ويخدعوا بالإطراء. أيها الأرض، أن شعبي المقدس قد غاص نوماً لصوتِ عقائدٍ مزيَّفة. إستيقظوا، إستيقظوا. اقول لكـم ان كل الأثـام هي خطيئـة. طهِّروا أنفسكم من كل خطايا الجسد وخطايا الروح."
"أنبيائي القديسين عاشوا حياة قداسةٍ، لكنكم تمردتـُم عليَّ وعلى قداستي. قد جلبتـُم الشَّر على أنفسكم. قد أخطأتم وجلبتم لأنفسكم عبودية المرض والموت. قد إرتكبتـُم الإثم وعمِلتم الشَّر وتمردتُم عليَّ. قد إنحرفتم عن أوامري وأحكامي. لم تصغوا الى كلمات خُدامي وأنبيائي ونبياتي. لعناتٌ بدلاً عن بركاتٍ وقعت عليكم، ولا زلتم ترفضون الرجوع إليَّ وطلب التوبة عن خطاياكم."
"إن رجعتـُم وتبتم وإن أكرمتموني بثمر البِر. فإني سأُبارك بيوتكُم وأُقدِّرُ زواجكُم. إذا تواضعتم ودعوتموني فإني سأسمعكُم وأُبارِككُم."
"إسمعوا، يا قسّان كلمتي المقدسة. لا تـُعلـِّموا شعبي أن يخطئوا الى إلَههم. تذكروا أن حُكمي سيبدأ ببيت اللَّه: إن لم تتوبوا فإني سأُزيحكم بسبب الخطايا التي علـََّمتموها لشعبي. هل تعتقدون بأني أعمى لا أستطيع ان أرى أو أصم لا أستطيع ان أسمع؟"
"أنتم الذين تـُمسكون الحقَّ بالإثم وتملئون جيوبكُم بالذهب والفِضة على حساب الفقراء، توبوا، أقول لكم قبل فوات الأوان. في يوم الحساب ستقِفون وحدكُم قدامي كي تعطوا حساباً لما فعلتم بكلمتي المقدسة. إن دعوتم إسمي طالبين المغفِرة، فإني سأُزيل اللعنة من أرضكم وأبارِككم ببركات عظيمة. إن تبتم وخجلتم من خطاياكم، فإني سأرحمكم وأشفق عليكم، ولن أتذكر خطاياكم فيما بعد. صلُّوا كي تكونوا غالبين.
"إدركوا الحياة وعيشوا. إندَموا للناس الذين ضللتموهم وعلـَّمتُموهم عقائِد مزيَّفة. قولوا لهم إنكم أخطأتم بِحقهم وبأنكم بعثرتم خِرافي. إندموا لهم."
"لاحظوا، إني أُعِدُّ جيشاً مقدساً. سيعملُ مأثِرَ عظيمة لأجلي وسيُدمِّر مراكِزكُم. إنهُ جيش مقدَّس مِن رجال ونساء، شباب وشابات. إنهم ممسوحين لكِرازة إنجيل الحق، ووضعِ الأيادي على المرضى ودعوة الخطاة للتَوبة."
"إنه جيشٌ مكوَّنٌ من رِجال عملٍ، ربات بيوت، عزاب، عازبات، أطفال مدارس. إنهم أُناس عاديين، لأنه لم يستجِب لدعوتي الكثير من أناس نبلاء. في السابق أُسِئَ فهمهُم وأُسيئت معاملتهم وتأذوا جسدياً ورُفِضوا. لكني باركتهم بجرأة وبقداسة وبالروح. سيبدأون في إنجاز نبُوّتي وعَمِل مشيئتي. سأتحرّكُ فيهم وأتكلم فيهم وأعمل فيهم."
"هؤلاء هم الذين عادوا إليَّ من كل قلوبهم، ونفوسهم وقوتهم. هذا الجيش سيوقظ الكثيرين للبِر ونقاوة الروحِ. وسأواصِل تأثيري فيهم، لإختيار جيشي الذي أرغبهُ. سأبحثَ عنهم في المدن الكبيرة والصغيرة. سيتفاجأ الكثيرين من الناس بهؤلاء الذين إخترتهُم. سترونهُم يتحركون عِبر الأرض ويعملون ألمأثِرَ لأجل إسمي. راقِبوا وأنظروا قوتي الفعالة."
"أقول لكم ثانية، لا تُنجسِوا مضجع الزواج. لا تـُنجسِوا الجسد الذي يسكن فيه الروح القدس. خطايا الجسد تقود الى خطايا الروح. إحفظوا مضجع الزواج طاهراً. أنا عمِلت الرجلُ للمرأة والمرأةُ للرجل وقررتُ أن يكون الإثنان مُتـَّحِدان في زواج مقدَّس. أقول ثانية تيقظوا."
رأيتُ العديد من الرؤى في الذراع اليسرى للجحيم. أُعطيتُ تعليماتٍ من قبل الرَّب بأن لا أكشِفها الأن. العديد منها كانت رؤى عن العالم وعن نهاية الزمان، عندما يسقط العديد من شعب اللَّه ويهلِك.
في الرؤى، أُعطيتُ إعلاناتٍ عن جسد المسيح، وخِدمة أولاد اللَّه، وأطفال الوحش، وعن عودة المسيح الأخيرة.
قال لي يسوع، "يمكن أن تبوحي بها لاحِقاً، ولكن ليس الأن."
"هذا الجيش، الذي تكلَّم عنهُ يوئيل النبي، سينشأ من الأرض ويعمل أعمالاً عظيمة للَّه. سينهضُ إبنَ البِر بشِفاء في أجنحته. سيدوسُ الأشرار، وسيصيرونَ رماداً تحت أخمص قدميه."
"سيُدعَون جيش الرَّب. سأمنح هِباتي لهم، وهم سيُنجِزون عملي العظيم. سيعملون المأثِرَ لرب المجد. سأسكبُ روحي على كل جسدٍ، وسيتنبأ أولادكم وبناتكم."
"هذا الجيش سيُحارب قوات الشَّر وسيُدمر الكثير من أعمال إبليس. سيربح العديدين ليسوع المسيح قبل اليوم الذي يظهرُ فيه وحش الشَّر."
وتابع يسوع، "تعالي، حان الوقت لتذهبي الى البيت."
وعند رحيلنا، قال يسوع، "قولي لعائِلتك بأني أُحِبُّهم وأُعدِّلَهُم بمحبَّة. قولي لهم بأني سأحفظهم من الشرير إن وضعوا ثِقتهم فيَّ."
الفصل الخامس عشر
أيام يوئيل
سمعتُ صوتـاً يقول، "إكتبي، لأن هذه الأشـياء أمينـة وصادِقـة." كنتُ مع الرَّب ثانيـةً في الروح. كان الصوتُ عالياً ومرتفعاً كصوت الرعد.
"أُنظري أيتها الأرض، هذه الأشياء موجودةٌ، تواجدَتْ وستتواجدُ. أنا الأول والأخر. إخدموني، أنا الخالق، لأني أُعطي حياةً وليس موتاً. إنهض من شرّك وادعو إسمي، وأنا سأشفيك وأُحرِّرك. هذه الأشياء التي تقرأها في هذا الكتاب صادقة، وستحدثُ قريباً."
"توبي يا أرض، لأن الوقتُ قريبٌ، وسيظهر رب المجد قريباً. كوني مستعدة، لأنه لا تعرفي اليوم ولا الساعة. عظيمةٌ ستكون مكافأة أؤلئك المنتظِرينَ قدومي. سأُبارِكُ صغاري، الذين إحتفظُوا بالإيمان وخدموني في الحقِّ والبِر. قبل أن يعرِفونه، سيكون عِندهم. وأنا أعددتُ بركةً لهؤلاء الذين كانوا أُمناء لِدعوتهم ولأؤلئك الذين لم يُنكِـروا إسمي. وأقول: إن تواضع شـعبي، الذي دُعيَ بإسمي، وصلَّى، فإني سأغفِرُ له وأشفيهِ وأُعيدُ ما فقدَهُ. أرغبُ سماعَ وتحرير وإنقاذ كُل الذين يؤمنون ويدعون إسمي."
"إجعلي الصيام مُقدَّساً. نادي بإجتماعٍ مقدَّس. إجمعي شيوخ الكنائس وجميع سكان الأرض الى بيتي وإلتمسي لي. واحسرتاه، لأن يوم الرَّب أتٍ كلِصٍّ في الليل، اليومُ قريبٌ."
"ثِقي بي، وأنا سأُعوِّض لكِ عن السنين التي أكلها الجراد، القادِحـة، يرقة الفراشة، ودودة الأشـجار المثمرة."
"جيشي العظيم الذي دعوته لن يتنازَلَ عن مكانتـه ولن يخطو بسرعة. سيعملون مأثِرَ رائعـة، ولن يُقهَروا لأني أنا قوتهم. صوتهم سيُطلقُ مثل البوق، سينبعِثُ مِثل الرعد، وسيسمعهُ الجميع ويعرفوا إني أنا الرَّب إلَهكم."
عزيزي الرَّب يسوع، أُصلّي أن اكون مستحِقة لأكون ضِمن هذا الجيش. أريد أن أكون في هذا الجيش لكني أعرِف أنه عليَّ ان أكون طاهِرة ومُقدَّسةً كما أن يسوع طاهِر ومُقدَّس. بدم يسوع المُراق طهّرتني من كل أثامي. ساعدتني أن أحتفظ بقلب تائب، خالٍ من الحقد والمرارة.
يا أبانا، أعرِف أن الكثير من شعبك نائِم. أخشى مِن أنه ينبغي عليك كسر أوانينا الطينية وإذلالنا حتى تتواجد هناك ثمارَ البِر.
يا رب لا أُريد الذهاب الى الجحيم ثانية، أُريد البقاء هنا. يا رب، ساعدني أن أنذر الأخرين. أعطِني القوة لأوقِف الجحيم من إتِساع نفسهِ. ساعدني وساعد شعبك ليكون خيِّراً، شفوقاً، غفوراً ومُحباً الواحد للأخر. ساعدنا أن نقول الحق في كل الأوقات.
أنا أعرِف ان يسوع المسيح أتٍ قريباً، ومكافأته معه. أعرِف أن رسالتي الى العالم هي: توبوا لأن يوم الرَّبِ قريبٌ. يا أبانا، لا أُريد دم هذا الشَّعب على يديَّ.
الفصل السادس عشر
مركز الجحيم
ذهبنا، يسوع وأنا، ثانية الى الجحيم. قال يسوع لي، "يا طفلتي، لهذا الغرض ولِدّتِ، لتكتبي وتقولي ما قلتهُ لكِ وأريتكِ. لأن هذه الأشياء أمينة وصادقة. دعوتكِ لتقولين للعالم بأن هناك جحيم، لكني عَمِلتُ طريقاً للنجاة. لن أُريكِ كُلَّ أقسام الجحيم. كما أن هناك أموراً مخفية لا أريد أن أكشِفها لكِ. لكني سأُريكِ الكثير. تعالي الأن لترين قوات الظلمة ونهايتهم."
ذهبنا ثانية الى بطن الجحيم وبدأت أمشي بإتجاه فتحة صغيرة. إلتفتُ لأرى من أين دخلنا فوجدتُ بأننا على رفٍّ بجانب حجيرة في مركز الجحيم. توقفنا عند مقدمة الحجيرة حيث تواجدتْ فيها إمرأة جميلة. وكان مكتوباً على قمة الحُجيرة الحروفُ "بي. سي"
سمِعتُ المرأة تقول، "يا رب، كنتُ أعرِف أنكَ ستأتي يوماً. أرجـوك دعني أخرج من مكان العذاب هذا."
كانت المرأة مُرتدية ملابسٍ من العصر القديم، وكانت جميلة جداً. عرِفتُ أن لها هناك عدة قرونٍ من السنوات لكنها لم تستطِع الموت. كانت النفسُ في عذاب. وبدأتْ تشدُّ على القضبان وتبكي.
قال يسوع بهدوء، "سلام إهدأي. يا إمرأة، تعلمينَ لماذا أنتِ هنا" تكلم معها وحُزنٌ في صوتهِ.
أجابت باكية، "نعم. لكني أستطيع أن أتغيَّر. إنني أتذكرُ عندما سمحتَ للأخرين بالخروج من الجنة. إنني أتذكر كلماتكَ عن الخلاص. سأكون جيدة الأن، وسأخدِمُكَ." ثم بدأت تُمسِك قضبان الحجيرة بإحكام وبدأت بالصراخ، "دعني أخرج، دعني أخرج!"
حينئذ بدأت تتغيَّرُ قدام أعيُننا. بدأت ملابسها تحترق. وصار لحمها يتساقط، وكل ما بقيَ منها كان هيكل عظمي أسود مع تجاويف محروقة محلَ العيون وهيكل مجوَّف. راقبتها في رُعبٍ فيما سقطت المرأة على الأرضية. كل جمالها رحلَ عنها في لحظة. أذهلني تصوّري بالتفكير بأنها كانت هناك قبل ولادة المسيح.
قال يسوع لها، "عرِفتِ على الأرض ما ستكون نهايتكِ. موسى أعطاكِ الناموس وأنتِ سمعتيه. لكنك بدلاً عن طاعتـكِ للناموس إختـرتِ ان تكوني أداة بِيَدي إبليس، إخترتِ لتكوني عرَّافـة وساحرة. حتى إنكِ علـَّمتِ فنَّ السِحر. أحببتِ الظلمة أكثر من النور، وأعمالك كانت شريرة. إن كُنتِ قد تـُبتِ من قلبكِ لغفِر أبي شرَّكِ. لكن الأن فات الوقت."
ثم إنصرفنا بحُزنٍ وشفقة عظيمة في قلوبنا. لن تكون هناك نهاية لألامِها ومُعاناتها. كانت يداها العظمية تمتدُ الى يسوع فيما كنَّا ننصرِف.
قال يسوع لي، "يا طفلتي، إبليس يستخدمُ العديد مِن الحِيَلِ لتدمير رجال ونساءٍ جيِّدين. فهو يعملُ ليلاً ونهاراً، مُحاولاً الفوزَ بأناسٍ لأجل خدمتهِ. إن أخفَقتِ في إختيار خِدمة اللَّه، فإنك إخترتِ خِدمة إبليس. إختاري الحياة، والحقُّ سيُحرِّرُكِ."
بعد أن مشينا مسافة قصيرة، توقفنا عند حجيرة أخرى. سمعتُ صوت رجلٍ ينادي، "مَن هناك؟ مَن هناك؟" تسائلتُ لماذا نادى.
قال يسوع، "إنه أعمى."
سَمِعتُ صوتاً وتفحصتُ مصدره. كان أمامنا شيطانٌ كبير بأجنحة ضخمة تبينَ أنها كانت مكسورة. كان ينظرُ للأمام عند إجتيازه لنا. وقفتُ بجنب يسوع.
وسوياً أدرنا أنفسنا لننظرُ الرجلَ الذي تكلـَّم. كان في حُجيرة وظهرهُ كان نحونا. كان بشكل هيكل عظمي ونار مع رائحة موتٍ عليه. كان يضرب الهواء ويصرخ، "ساعدني، النجاة، أيَّ شخص!"
بصوت رقيق قال يسوع، "يا رجل، سلام، إهدأ."
دار الرجل وقال، "يا رب، كنت أعلمُ إنك ستأتي إليَّ. إني أتوب الأن. أرجوك دعني أخرج. أعرِفُ بأني كنتُ إنساناً رهيباً وإني إستخدمتُ إعاقتي لربحٍ أناني. أعرفُ بأني كنتُ ساحِر وخدعتُ العديد لأجل إبليس. ولكن يا رب، أنا أتوب الأن. أرجوك دعني أخرج. إنني أتعذبُ ليلاً ونهاراً في هذا اللهيب، لا يوجد ماء. إنني عطشان جداً." ثم بكى وقال، "ألن تعطيني ماءً لأشرب؟"
وكان الرجل لا يزال ينادي فيما كنَّا ننصرِف. نظرتُ إليه بحزن.
قال يسوع، "كل السّحرة وفعلة الشَّر سيكون نصيبهم في البحيرة التي تحترق بالنار والكبريت، الذي هو الموت الثاني."
جئنا الى حجيرة أخرى حيث كان هناك رجل. قال الرجلُ، "يا رب، عرِفتُ إنك ستأتي وتحرّرني. لقد تبت منذ فترة طويلة." كان الرجل أيضاً بشكل هيكل عظمي ممتلئٍ باللهيب والديدان.
قال يسوع، "يا رجل، لا زِلت ممتلئاً كِذباً وخطيئة. كنتَ تعلمَ أنك خادِمٌ لإبليس، وكذاباً خدعتَ العديد من الناس. لم يكن الحق أبداً في فمك، وكان الموتُ دوماً مكافأتك. سمِعتَ دوماً كلماتي وإستهزأتَ بخلاصي وبروحي القدوس. كذبتَ طوال حياتِكَ ولم تستمع لي. أنتَ منتسبٌ لأبيك إبليس. الكَذبة سيكون نصيبهم في بحيرة النار. أنتَ جدَّفتَ على الروح القدس."
بدأ الرجل باللعنة وقال العديد من الأشياء الشّريرة ضد الرَّب. هذه النفسُ فـُقِدت في الجحيم الى الأبد.
قال يسوع، "من يأتي إليَّ، ومن خسِر حياته من أجلي فإنه سيجد حياة، وحياةً أوفر. لكن على الخطاة أن يتوبوا فيما هم أحياء على الأرض. يكونُ الوقتُ قد مضى حينما يصِلون الى هنا. العديد من الخطاة يُريدون خِدمة اللَّه وإبليس، أو إنهم يُصدِّقونَ أن لهم حياة غير محدودة لقبول النعمة التي يُقدِّمها اللَّه. اليوم سيختارَ الحكماءِ بصدق لِمَن سيخدِموا."
بعد قليل أتينا الى حجيرة أخرى. بكاء أسى ويأس كان يخرج من الداخل. نظرنا ورأينا هيكل عظمي لرجل مُربضٍ على الأرضية. كانت عظامه سوداء من شدة الإحتراق، وكانت نفسه في داخل الهيكل بشكل غشاوة رمادية قذرة. لاحظتُ أن أجزاءً من جسدهِ كانت مفقودة. وكان دخان ولهيب حوله. كما أن الديدان كانت تزحف في داخله.
قال يسوع، "كانت خطايا هذا الرجل كثيرة. كان قاتِلاً وكان في قلبه حِقد. لم يقبل بالتوبة حتى إنه لم يصدِّق بأني كنتُ سأغفِرُ له. لو كان قد جاء فقط إليَّ!"
سألتُ، "هل تقصد يا رب، بأنه فكرَّ بأنك لن تغفِر له بسبب القتل والحِقد؟"
أجاب يسوع، "نعم. إن كان قد أمَن وأتى إليَّ، لكنتُ قد غفرتُ له كل خطاياه، الكبيرةِ والصغيرة. ولكن بدلاً عن ذلك، إستمر في الخطيئة ومات فيها. هذا هو سبب وجودهِ هنا اليوم. أُعطيَ العديدِ من الفُرص لأجل خدمتي والإيمان بالإنجيل، لكنه رفض ذلك. الأن فات الوقت."
ثم جئنا الى حجيرة أخرى كانت ممتلئة برائحة فظيعة. إستطعتُ سماع صرخات الموتى وأنين تأسفٍ في كل مكان. شعرتُ بحزن حتى إني صِرتُ أشعر بالمرض. لكني صممتُ أن أفعل كل ما أستطعته لأقول للعالم عن هذا المكان.
قال صوتُ إمرأة، "ساعدني." حدقتُ في زوج عيون حقيقية، لم تكن تجاويف محترقة حيث علامة الإحتراق. حتى إني أرتعشتُ من كثرة الحُزن، وشعرتُ بشفقة وأسى لهذه النفس. كنتُ أُريد بإلحاح أن أسحبها خارج الحجيرة وأهرب معها. قالتْ، "إنه مؤلِم جداً،"
قالتْ ويديها تـُمسِك قضبان الحُجيرة بإحكام، "يا رب، أنا سأفعل ما هو صائب الأن. عرِفتك قبلاً وكنتَ مُخلـِّصي. لماذا لا تكون مُخلـِّصي الأن؟" ورأيتُ قِطعاً كبيرة من لحمها يتساقط منها ولم يكن هناك إلا عظامٌ مُمسِكة بالقضبان.
قالتْ المرأة، "حتى إنك شفيتني مرةً من السرطان. وقـُلتَ لي بأن أذهب وأن لا أخطأ بعدُ خشية أن يأتي عليَّ شئ أردأ. أنا حاولتُ يا رب، أنتَ تعرِف إني حاولتُ. حتى إني حاولتُ أن أشهدَ لكَ. ولكني، يا رب عَلِمتُ بعدئذ أن الذين يكرِزون بكلمتك ليسوا محبوبين. أردتُ أناساً يَودّونني. فرجعتُ بتمَهُلٍ الى العالم وإلتهمتني شهوة الجسد. صارت الملاهي الليلية وشرب الكحول أهمُّ مِنكَ. فقدتُ الإتصال مع الأصدقاء المسيحيين ووجدتُ نفسي أردأ سبعة مراتٍ مِما كنتُ قبلاً."
وبكتْ المرأة قائلة، "ومع إني أصبحت مُحِبَّة للرجال والنساء. لكنه لم تكن نيتي الضياع. لم أكن أعرِف بأني ممسوسة بإبليس. لا زِلتُ أشعر بدعوتِكَ على قلبي لأتوب وأخلص، لكني لم أستمِع. كنتُ أُفكِرُ أنه لا زال لي وقتٌ. غداً سأرجع الى يسوع، وهو سيغفِرُ لي ويُنقِذني. لكني إنتظرت كثيراً جداً، والأن فات الوقت،"
إنفجرت عيونها الحزينة بلهيبٍ وإختفتْ. صرختُ ووقعتُ على يسوع. أه يا رب، فكّرتُ، كان من السهولة أن أكون أنا تِلكَ النفس أو أحد أحبائي! أرجوك يا خاطئ، إستيقظ قبل فوات الأوان.
مشينا الى حجيرة أخرى. كان فيها رجل بشكل هيكل عظمي ونفس رمادية داخل الهيكل. كانت صرخاتٌ وصيحاتُ ألمٍ وتأسفٍ تخرج من ذلك الإنسان، لن أستطيع أبداً نسيانها.
قال يسوع، "يا طفلتي، سيقرأ البعض هذا الكتاب ويُقارِنوه بقصة خيالية أو بفيلمٍ رأوه. سيقولون أن هذا الكتاب ليس صحيحاً. لكن أنتِ تعرفين أن هذه الأشياء حقيقية. أنتِ تعرفين ان الجحيم حقيقي، لأني جلبتكِ الى هنا عدة مرات بروحي. أنا كشفتُ لك الحقيقة كي تشهدي على ذلك."
أيها الإنسان الضائِع، إن لم تتب وتتعمَد وتؤمن بإنجيل يسوع المسيح، فإن نهايتك ستكون هنا بالتأكيد.
قال الرَّب، "أن هذا الرجل هنا بسبب تمرُّدِه. خطيئة التمرُّد هي مثل خطيئة السِحر. في الواقع، كل الذين يعرفون كلمتي وطرقي وسمِعوا الإنجيل ولا زالوا غيرَ تائبين فإنهم في تمرُّد ضدي. يوجدُ الكثير من الناس في الجحيم بسبب هذه الخطيئة."
تكلم الرجل الى يسوع وقال، "فكّرتُ مرةً أن أجعلكَ ملِكاً على حياتي، لكني لم أرِد أن أمشي في طريقك المستقيم والضيق. أردتُ طريقاً واسعاً. كان أسهل جداً لخدمة الخطيئة. لم أرِد أن أكون باراً. أحببتُ طريقي الخاطئ. رغبتُ شُرب الكحول وعمل الأشياء الموجودة في هذا العالم أكثرَ من طاعة وصاياك. لكني أرغبُ الأن لو إستمَعتُ الى أؤلئكَ الذين أرسلتهُم لي. لكني بدلاً عن ذلك، عمِلتُ الشَّر ولم أتب."
هزَّت تنهداتٌ عظيمة جسده حينما صرخ بأسى، وقال، "لسنوات عديدة أتعذبُ في هذا المكان. أعرِف ما أنا، وأعرِفُ إني لن أخرج من هنا الى الأبد. إنني أتعذبُ ليلاً ونهاراً في هذا اللهيب وهذه الديدان. أصرخُ، ولكن لا أحد يأتي لمساعدتي. لا أحد يهتم بنفسي هنا، لا أحد يهتم بنفسي." ثم وقعَ فوق كومة صغيرة على الأرضية وإستمر في البكاء.
ثم ذهبنا الى حجيرة أخرى. تواجد هناك إمرأة كانت تلتقط الديدان من بين عِظامها. بدأت تصرخ الى يسوع حينما رأته، "ساعدني يا رب. سأكون إنسانة جيدة. أرجوك دعني أخرج." نهضتْ وتمسكتْ بقضبان الحجيرة. شعرتُ بشفقة عظيمة نحوها. وفيما كانت تبكي، كانت تنهدات تهزُّ جسدها.
قالت ليسوع، "يا رب، حينما كنتُ على الأرض، عبدّتُ ألِهةَ الهندوس والعديد من الألِهة. لم أؤمن بالإنجيل الذي كان المُبشّرون يُبشـِّرون بـه لي، مع إني سمِعتُ عنه مرات عديـدة. في يومـا ما مُتُّ. صرختُ الى ألِهَتي لإنقاذي من الجحيم، لكنهم لم يستطيعوا ذلك. الأن، يا رب أُريد ان اتوب."
قال يسوع، "لقد فات الوقت."
بدأ اللهيب يُغطّي شكلها فيما كنّا ننصرِف، وكان صراخها لا يزال يملأ نفسي حتى الأن. إبليس قد خدعها.
قال يسوع وحُزنٌ في صوتهِ، "تعالي، سنرجع غداً. حان الوقت للذهاب الأن."
الفصل السابع عشر
حربٌ في السموات
كان روح الرَّب عليَّ، وذهبنا ثانية الى الجحيم. قال يسوع، "أقولُ لكِ الحق، أن الكثيرين من النفوس هي هنا بسببِ السِحر، التعامل في التنجيم والأمور الغامضة، وعبادة ألِهة أخرى، والتمرُّد، وعدمِ الإيمان، والسُّكر، وفُحشَ الجسد والروح. تعالي، سأُريك لغزاً وأقول لك عن أمورٍ مخفية. سأكشف لكِ كيفية الصلاة ضد قوات الشَّر."
مشينا في جزء من الجحيم بجانب قلب الجحيم. قال يسوع، "سنذهب بعد قليل الى فكَّي الجحيم، ولكني أرغبُ ان أكشِف للجميع كيف يوسِّع الجحيم نفسه."
ثم توقفنا، فقال يسوع، "أنظُري وأمِني." رأيتُ ونظرتُ رؤية مكشوفة. في الرؤية، كنَّا، يسوع وأنا، على إرتفاع عالٍ فوق الأرض نتطلـَّعُ في الفضاء. ورأيتُ دائرة روحية فوق الأرض. كانت الدائرة غير مرئيةٍ للعين ولكنني إستطعت رؤيتها جيداً في الروح. عرِفتُ ان هذه الرؤية لها علاقة بمعركتنا ضد أُمراء وسلاطين الهواء.
وفيما واصلتُ النظر، أكتشفتُ أنه هناك، دوائر عديدة فعلاً. في الدائرة الأولى كان العديد من أرواحٍ قذرة وشريرة. رأيتُ أرواحاً قذرة تأخذ أشكال سَحرة، ثم بدأت بالطيران في علو السموات وعمِلتْ ضرراً روحيّاً كبيراً. وسمِعتُ صوت يسوع وهو يقول، "بإسمي، أُعطي أولادي القدرة على هذه الأرواح الشّريرة. إصغوا وتعلموا كيف تُصلـّوا."
رايتُ شِكلاً غريباً يرتفع من دائرة أخرى وبدأ يدور حول نفسه ويُلقي سحراً. ثم ظهرَ شيطانٌ وصار يعمل أموراً شريرة على الأرض. كان للشيطان روح السَاحِر. كان يدور ويضحك، ومِن عصا كانت في يده ألقى الكثير من السِحر الشّرير على العديد من الناس. ثم رأيتُ أرواحاً شريرة أخرى تنضم الى الساحِر، وأعطاهُ إبليس قوة أكبر.
قال يسوع، "أُنظروا، ما تـُقيّدونه على الأرض، سأُقيّده أنا في السماء،" وأضاف يسوع، "إبليس يجب أن يُقيـّد إن أراد القديسين أن تكون صلواتهم فعّالة في هذه الأيام الأخيرة."
ورأيتُ مِن دائرة أخرى، ظهور ساحرٍ أخر وبدأ بإعطاءِ أوامرٍ. فسقط مطرٌ ونارٌ على الأرض عندما تكلم. قال العديد من الأشياء الشّريرة وخدع الكثير من الناس على الأرض. وفيما كنتُ أنظُر، رأيتُ أثنينِ من الأرواح الشريرة تنضم الى السَاحرِ على علو فوق الأرض. هؤلاء كانوا أُمراء وسلاطين الهواء.
هؤلاء أعطوا قوتهم للسَّحرة الذين إجتمعوا معاً في مكان معيَّن لعَمل الشَّر. ثم رأيتُ فعلة الظلام يجتمعون حولهم. كانت هذه الأرواح تأتي وتذهب كما تشاء.
قال يسوع، "أُنظري بإنتباه. لأن الروح القدس يكشِفُ لكِ حقيقة عظيمة."
في الرؤية رأيتُ أموراً روحية تحدث على الأرض. كان الشَّر قد تعظـَّمَ والخطيئة قد كثـُرت. إذ سبَّبت قوات الشَّـر بأن يسرق الناس ويكذبـوا ويؤذي الواحِـد الأخـر، وأن يتكلمـوا بالشَّـر وأن يَخضعوا لشـهوة الجسد. وكانت كل أنواع الشَّر قد أُطلِقت على الأرض. قلتُ، "يا يسوع، كم بغيض هذا للنظرِ."
قال يسوع، "يا طفلتي، بإسمي سيهرُب الشرير. إلبَسوا سلاح اللَّه الكامل حتى تستطيعوا ان تصمدوا في يوم الشر، وإعملوا كل شئ كي تصمدوا."
وفيما كانت الأرواح الشريرة تتقيأ الفساد والإفتراء على الأرض، رأيتُ شعبَ اللَّه بدأ يصلّي. كانوا يُصلـّون بإسم يسوع وبإيمان. وفيما هم يصلـّون، وقفتْ كلمة اللَّه ضد الأرواح الشّريرة، التي بدأت تتراجع. وفيما كان القديسونَ يُصلـّون، كانت قوات الشر تفقد معاقِلها. إنكسر سِحر الشّر. وأؤلئك الذين أضعفتهم قوات الشّر تقووا.
حينما صلـّوا بصوتٍ واحد، دخلت ملائكةُ السماء النِزاعَ. رأيتُ الملائكة المقدسة تعارِكُ أُمراء الشّر وسلاطين الهواء، وكانت ملائكة اللَّه تـُحطِّم قوات الشَّر.
نظرتُ وإذ بصفوف وصفوف من قواتِ الملائكة، ستمِئة ملاكٍ في كل صف. وفيما كانت الناس تؤمن باللَّه كانت الملائكةُ تتقدمُ. أعطى اللَّه أوامِره وكانت قوته جبارة. أعطى قوة عظيمة لشعبه ولملائكتهِ لكي يُحطـِّموا أعمـال إبليس. كان اللَّه يُحارب الشَّـر في السماء. عندما كان الناس يُصلـّون ويؤمنون باللَّه كانت القوات الشّريرة تتحطـَّمُ. ولكن حينما كان هناك شَكٌّ، تبدأ القوات الشّريرة تغلِبُ.
قال الرَّب، "ينبغي على شعبي أن يؤمن، ينبغي عليهم ان يتـَّفِقوا مع بعضهم ومعي، إذا أردنا أن نضع كل الأشياء تحت قدَمي الأب." السماء والأرض ينبغي ان تتـَّفِق إذا وجب علينا تدمير العدو."
وفيما بدأت تسابيح شعب اللَّه ترتفعُ من الأرض، كانت قوات الشّر تتراجع. رأيتُ قديسي اللَّه يُصلـّون من كل قلوبهم ضد خِداع إبليس. وفيما إستمروا بالصلاة كانت تتكسر اللعناتِ والسِحر الشّرير، وحصَّل القديسين على النصرة.
هذا ما حدث. وفيما كانت ملائكة الرَّب تحارِبُ الشياطين وقوات الشر، كان الناس يتحررونَ بالصلاة. وفيما كانت الناسُ تتحرَّرُ، كانت التسابيح تصدرُ دويَّاً عالياً الى اللَّه، وكانت التسابيح تجلبُ إنتصارات أكثر. وعندما كانت نتائجُ الصلاة لا تتبينُ والتسابيح تتوقفُ، حينئذٍ فقط كان الشَّر يغلِبُ في المعركةِ.
سمعتُ ملاكاً بصوت عالٍ يقول، "يا رب، إيمانُ شعبِك ضعيفٌ. يجب ان يكون لهم إيمان إن أردتَ إنقاذهم مِن حشود إبليس. يا رب، لِتكن لك رحمة على وارثي الخلاص."
فأجابَ صوتٌ جبار، "بدون إيمان من المستحيل إرضاء اللَّه. لكن اللَّه أمينٌ، وهو سيُثبـِّتكم."
ثم رأيتُ في الرؤية اللَّه وهو يسكبُ روحهُ على كل جسد، وأن الناس أمَنَتْ بأن اللَّه سيعمل كل ما يسألونهُ لأنهم عائدين له وهو يُحِبُّهم بِصدقٍ. كان لهم ثقـةٌ باللَّه وأمَنُوا بكلمتهِ، واللَّه أنقذهـم. وصارت كلمة اللَّه تكثرُ على الأرض.
قال الرَّب، "كل الأشياء ممكنة لأؤلئك الذين يؤمنون. إني أسهر على كلمتي حتى تـُنجز. أنتِ إعملي ما هو مطلوب مِنكِ، وتعلمينَ بأني سأعمل عملي. إن أرادَ شعبي الوقوف مع الحق وناضلَ نِضالاً حسناً، فإن أموراً رائعة ستحدثُ كما في يوم الخمسين. إدعو بإسمي وأنا سأسمع. وأنا سأكون إلَهكُم وأنتم ستكونون شعبي. أنا سأُثبـِّتكُم في البِر والحقِّ والصِدقِ."
في الرؤية، رأيتُ المسيحيينَ يولَدوا كأطفالٍ صغار. رأيتُ الملائكة واقفينَ فوقهم لحمايتهم من كُل أذيّة. رأيتُ ربَّ الجنود يُحارب مَعارِكهم ويكسِبُ النصرة لهم. ثم رأيتُ الأطفال وهي تكبرُ وتحصدُ حقولَ ربَّ المجدِ. كانوا يعملون عمل الرَّب بقلبٍ فرِحٍ ومُحِبٍّ للَّه. ورأيتُ الملائكة وكلمة اللَّه تتحِدان معاً لتحطيم الشّر من وجـه الأرض. ثم رأيتُ سلاماً على الأرض ووضِعتْ كل الأشـياء أخيـراً تحت أقدام اللَّه.
الفصل الثامن عشر
رؤى مكشوفة من الجحيم
قال الرَّب، "هذه الرؤية هي للمستقبل، وسوف تحدثُ. لكني سأعود لكي أسترِد عروستي، كنيستي، وسوف لن يروا ذلك. تيقظوا، يا شعبي، إني أُطلق الإنذار لوافدي الأرض، لأني سأعودُ كما تقول كلمتي."
نظرتُ الى الثعبان الناري الذي كان موجوداً في الذراع اليمنى للجحيم.
قال يسوع، "تعالي، أُنظري ما يقوله الروح للعالم."
رأيتُ قرونَ الثعبان الناري وهي تدخل في أجساد الناس على الأرض. كان العديد من الناس ممسوسين بصورة تامة بالثعبان. وفيما راقبتُ، رأيتُ وحشاً ضخماً ظهر في مكان فسيح وتحوَّل الى إنسان. هربَ سُكان الأرض منهُ، قسماً منهم هربوا الى البريّة، قسماً منهم الى الكهوف، وقسماً الى أنفاق محطات القطارات والملاجئِ. كانوا يبحثونَ عن أيِّ ملجأ لكي يختبئونَ عن عيون الوحش. لم يكن أحدٌ يُسبِّح اللَّه أو يتكلـَّمَ عن يسوع.
قال صوتٌ لي، "أينَ شعبي؟"
نظرتُ بإنتباه فرأيتُ شعباً مثل أناسٍ موتى يمشون. كان هناك حُزن يائِس في الهواء، ولم يكن أحدٌ يتجه الى اليمين او الى اليسار. رأيتُ الناس وكأنهُم يُقادون بقوةٍ خفيَّة ما. وكان صوتٌ في الهواء يتكلم إليهِم بين الحين والأخر، وكانوا يُطيعونَ الصوتَ. لم يكونوا يتكلمون الواحِد مع الأخر. رأيتُ أيضاً بأن رقمُ 666 كان مكتوباً على جبهةِ وأيدي كُلِّ واحِدٍ منهم. رأيتُ جنوداً راكبين خيولاً يقودون الناس مثل قطيع ماشية.
رأيتُ علماً أميركياً ممزَّقاً ومطروحاً على الأرض. لم يكُن هناك فرح، ولا ضِحكة، ولا سعادة. رأيتُ الموتَ والشَّر في كل مكان.
كان الناس يمشون واحداً وراء الأخر داخِل مستودَعِ إدارة كبير. كانوا يواصِلون السير كجنود ضعيفي العزيمة مرتدين جميعاً نوعاً واحداً مِن زي السجناء. كان سياجٌ يحيط بالمستودع وكان حراسٌ في كل موقعٍ. وحيثما كنتُ أنظر، كنتُ أرى جنوداً مرتدينَ ملابِس عسكرية.
رأيتُ هذه الناسُ شِبه أحياء موتى تسير كالقطيعِ داخِل المستودَع، وكان في مقدورِهم شِراء إحتياجاتٍ ضئيلة جداً. وعندما أكملوا ذلك، وضِعوا على متنِ شاحِنةٍ عسكرية خضراء كبيرة. كانت الشاحنة محاطة بحراسةٍ جيّدة، ثم وصلت الى مكان أخر.
ثم في داخِل شِبه عيادة، فـُحِصت الناس للكشفِ عن أمراضٍ مُعدية أو عن معاقين مقعدين. قسماً صغيراً منهم نـُقِلوا على جانب وحُسِبوا كمرفوضين.
بعد قليل، هؤلاء الذين أخفقوا في الفحص أُخِذوا الى غرفة أخرى. في تلك الغرفة، تواجدت أعداد كبيرة من مفاتيح كهربائية وأزرار وقفازات موضوعة بشكل صفٍّ على طول الجدار. وإنفتح بابٌ ودخل عدة رجال تقنيين. وقام واحدٍ منهم بقراءة أسماء الناس في الغرفة. وبدون أية مقاومة كانوا ينهضون عند قراءة أسمائهم ثم يسيرون بإتجاه صندوقٍ كبير ويدخلون فيه. وعندما صاروا داخِلَ الصندوق، قام تقنيٌّ أخر بإغلاق الباب ووضع المفتاح على لوحة موضوعة على الجدار.
ثم بعد عدة دقائق فتحَ الباب، ثم أخذ معه مِكنسة ولقاطة مِكنسةٍ وكنس ما بقيَ منهم على الأرضية. ولم يبقى في تلك الغرفة التي كانتْ مملوءة بالناس إلا بعضَ الرماد.
ورأيتُ الناس الذين نجحوا في الفحص الطبي وهم يوضعونَ على متنِ نفس الشاحنة ثم سيقوا ووضِعوا داخِل قطار. لا أحدَ منهم كان يتكلم أو حتى يدير رأسه لينظُر على أحدٍ أخر. وفي بناية أخرى، خُصِّص كُل واحدٍ على عملٍ معين. وذهبَ الجميعُ الى عملهم بدون أيَّةِ مجادلة. راقبتهُم فيما كانوا يعملون بجهد كبير حسب الأعمال المُخصَّصة لهم، ثم في نهاية اليوم أُخِذوا الى بناية شعبةٍ محاطة بسياج عالٍ مِن حولِها. نزع كل واحد منهم ملابِسهُ وذهب الى فراشِه. غداً سيشتغلون بكدِّ ثانية.
سمِعتُ صوتـاً عاليــاً ملأ الهـواء. رأيتُ وحشـاً ضخمـاً كـان جالسـاً على عرشٍ كبيـر. أطـاع كُل النـاس الوحشَ. رأيتُ قروناً روحيّة تنمو على رأسه. وصلتْ القرون، داخل وخارج كل مكان على الأرض. أخذ الوحشُ لنفسهِ العديد من مراكز سلطة ومكاتب إدارة، وأصبح ذو نفوذٍ عظيم.
إستخدمَ الوحش نفوذه في أماكن عديدة وخدع الكثيرين من الناس. إذ إنخدع الأغنياء والمشهورين كما إنخدع أيضاً الفقراء والمحرومين من حقوقهم. وقدَّمَ الصِغار والكِبار الولاءَ للوحشِ.
جُلِبتْ ماكنة كبيرة الى أحد مكاتب الإدارة. وضع الوحش علامتهُ عليها، فخرجَ صوتهُ مِنها. كانت هناك أيضاً ماكنة "بيك براذر" تستطيع ان تنظـُر داخل البيوت والأعمال الحُرَّةِ. لم تتواجدَ إلا ماكِنة واحِدة من هذا النوع، وكانت عائِدة للوحش. كان جزءٌ من الماكِنة موضوع داخل بيوتِ الناس لكنه كان غير مرئيِّ للعين المجردة، ولكنها كانت تـُرى وتـُقدِّم تقريراً للوحش في كل حركة يقوم بها الناس. نظرتُ فيما أدار الوحش عرشه وصار وجهه نحوي. وكان الرقم 666 على جبهته.
فيما كنتُ أنظر، رأيتُ شخصاً أخر في مكتب إدارة أخرى بدا غاضباً جداً على الوحش. وطلب أن يتكلم مع الوحش. كان يصرخُ بأعلى صوتهِ. وظهر الوحش وبدا لطيفاً جداً وقال، "تعال، أستطيع ان أُساعدك كي تتولى العناية بجميع مشاكلك."
أخذ الوحش الرجل الغاضِب الى غرفة كبيرة وأشار إليه بأن يضطجِع على طاولة. ذكـَّرتني الغرفة والطاولة بغرفة طوارئ المستسفى. وأُعطي الرجل مُخدَّراً ونُقِلت الطاولة تحت ماكنة ضخمة. ثم وضع الوحشُ أسلاكاً كهربائية على رأس الرجل وأدار الماكنة. وكان مكتوباً على قمة الماكنة الكلمات، "هذا العقل الماحي عائدٌ للوحش، 666"
عندما نُقِل الشخص مِن على الطاولـة، كان يحدق بعيونٍ خاليـة من التعبيـر، وحركاتـه مثل حركات شخص ميّتٍ أُعيد للحياة. ووجدتُ وصمة شاحِبة كبيرة على قمة رأسـه، وعرِفتُ ان عقله قد غـُيَّر طبيّاً كي يتمكن الوحش من السيطرة عليه.
قال الوحش، "الأن، يا سيدي، ألا تشعر بتحسنٍ أكثر؟ ألم أقل لك بأني أستطيع مساعدتك كي تتولى العناية بجميع مشاكلك؟ أعطيتك الأن عقل جديد. لن تشعر الأن بأي قلقٍ او متاعبٍ."
ولم يقل الرجل أي شئ.
وقال الوحش فيما كان يلتقطُ شيئاً صغيراً وقام بتعليقِهِ على قميص الرجل، "أنتَ ستـُطيعَ كل أوامري."
ثم تكلَّم الوحش ثانيةً الى الرجل، فأجاب الرجل من دون أن يُحرِّكَ شفتيه. كان يتحرك مثل إنسان ميّتٍ حيِّ. وأضاف الوحش، "أنتَ ستشتغل ولن تغضب او تشعر بإحباطٍ، ولن تبكي أو تحزن. ستشتغل لي الى أن تموت. إنني أُسيطر على العديدين أمثالك. قسماً منهم يكذب، قسماً يقتل، قسماً يسرق، قسماً يعمل حروباً، قسماً لهم أطفال، قسماً يديرون مكائن، وقسماً يعملون أموراً أخرى. نعم، أنا أُسيطر على كل شئ." حينئذ خرجت منهُ ضِحكة شريرة.
أُعطي للرجل أوراقاً ليمضي عليها. وبفرح أعطى كل مُمتلكاته الى الوحش.
في رؤيتي، رأيتُ الشخص يُغادر مكتب الوحش، يركب في سيارة ويسوقها الى البيت. حينما إقترب الى زوجته، حاولتْ زوجته ان تـُقَبِّلهُ، لكنه لم يحاوِلَ الإستِجابة لها. إذ لم يكُن له أيُّ شعورٍ، لا لزوجته ولا لأي شخص أخر. فقد جعلهُ الوحش عاجزاً عن الشعور او الإنفعال.
غضبتْ الزوجة وصارت تصرخ بزوجها، لكن بدون فائدة. حينئذٍ قالت، "حسناً، أنا سأُخابر الوحش. إنه يعرف ما سيفعله." وبعد مخابرة هاتفية سريعة، غادرت البيت وساقت سيارتها الى ذات البناية التي غادرها الزوج منذ لحظات.
إستقبلها الوحش وقال، "قولي لي كل مشاكلك. إنني متأكدٌ بأني أستطيع مساعدتك."
ثم جاء رجل وسيم وأخذها من ذراعها وقادها الى ذات الطاولة التي كان عليها زوجها قبلاً. وبعد عملِ ذات العملية، صارت خادِمة للوحش فاقِدة الشعور والإنفعال.
وسمِعتُ الوحـش يسألهـا، "كيف تشـعرين؟" لم تجيبه إلا بعـد أن علـَّق شـيئاً صغيـراً على بلوزتهـا. ثم إعترفتْ بأنه السيد والرَّب وبدأت بعبادتِهِ.
قال لها إبليس، "أنتِ ستلِدين. سيكون لكِ أطفالاً كاملين، وسوف يعبدونني ويخدِمونني."
أجابتْ المرأة بصوت إنسانٍ ألي، "نعم، يا سيدي سأُطيع."
رأيتُ المرأة ثانية. هذه المرة كانت في بناية أخرى. كان هناك العديد من النساء الحُبالى. وإضطجعتْ المرأة على أسِرتِهُنَّ وصارت تـُرتـِّل على وتيرة واحدة مُسَبِّحة الوحش. وكان الرقم 666 على جبهاتِ جميعهن.
بعد الولادة، أُخِذ الأطفال المولودين الى بناية أخرى حيث إهتم برعايتهم مُمرضاتٍ من اللواتي غُيِّر عَقلهُنَّ. وكان الرقم 666 على جباه الممرضات أيضاً.
وزادت قوة الوحش حتى إمتدت إمبراطوريته عِبر الأرض كلها. وكبر الأطفال أيضاً، وعند أوقات معينة، أُخِذوا أيضاً تحت ماكنة تدمير العقل. كانوا يعبدون الوحش وصورته. لكن الماكنة لم يكن لها أيّة قوة على أطفال اللَّه.
سَمِعتُ صوت الرَّب يقول، "أؤلئك الذين يعبدون الوحش وصورته سيُبادون. سينخدِع ويسقط العديد من الناس، لكني سأنقذ صِغـاري من الوحش. هذه الأشـياء ستحدثُ في نهايـة الزمـان. لا تستلِموا علامة الوحش. توبوا الأن قبل فوات الأوان."
وتابع الرَّب، "سيدعو الوحش نفسه رجل سلام. وسيجلبَ سلاماً الى عدة بلدانٍ في وقت إضطراب كبير. سيكون قادراً على تجهيز العالم بسِلع رخيصة الثمن، وسيضمُنُ دخلٍ كافٍ لكُل شخص. سيعملُ حِلفٍ مع بلدان كثيرة، وسيتبعهُ رجال ونساء رفيعي المستوى في العالم نحو إحساس أمانٍ مزيِّف."
"قبل هذه الاوقاتُ سأحشدُ جيشاً من المؤمنين الذين سيقِفونَ مع الحق والبر. هذا الجيش العظيم الذي تكلم عنه يوئيل النبي سيسمع صوتي من مشرق الشمس الى مغرِبها."
"في أوقاتِ الليل أيضاً سيسمعونَ صوتي، ويُجيبونني. سيعملونَ لأجلي، وسيركضون مِثل رِجال حربٍ عظماء. سيعملون أعمالاً عظيمة لي، لأني سأكونُ معهم."
كُشِفت كل هذه الأمور لي من قبل الرَّب يسوع المسيح في رؤية مكشوفة. هذه كلماتُ فمهِ، وهي تخصُّ نهاية الزمان.
رجعنا، يسوع وأنا، الى البيت، وتعجّبتُ من كُلِّ هذه الأشياء التي أراها وقالها لي. ونمتُ وأنا أُصلـّي لخلاصِ كل البشرية.
الفصل التاسع عشر
فَكَّي الجحيم
في الليلة التالية ذهبنا، يسوع وأنا، الى فكَّي الجحيم.
قال يسوع، "نحن تقريباً عبرنا الجحيم يا طفلتي. لنْ إُريكِ كل الجحيم. لكن ما أريتكِ، أُريدُكِ أن تقوليه للعالم. قولي لهم أن الجحيم حقيقي. قولي لهم أن هذا التقرير حقيقي."
وفيما كنَّا نمشي، توقفنا على تلةٍ تشرِف على وادٍ صغير. وكانت هناك بقدر ما أستطعت رؤيته أكوامٍ من نفوس أُناس مُصطفين على جانبي التلة. إستطعت سماع صرخاتهم. أصوات عالية ملئتْ المكان. قال يسوع، "يا طفلتي، هذه فكَّي الجحيم. في كل مرة ينفتحُ فمُ الجحيم، ستسمعينَ هذا الصوت العالي."
كانت النفوس تحاول الخروج لكنها لم تستطِع، لأنها كانت مطمورةً في جانبي التلة.
وفيما كان يسوع يتكلم، رأيتُ أشكالاً مُظلمة تسقطُ مجتازةً لنا وتهبطُ على قاع التلة محدِثة صوتاً مكتوماً. كانتِ الشياطين بسلاسل عظيمة تجرُّ النفوسَ. قال يسوع، "هذه هي النفوس التي ماتت للتو على الأرض ووصلت الى الجحيم. هذه العملية تستمِرُّ نهاراً وليلاً."
وفجأة، ملأ هدوء عظيم المكان. قال يسوع، "أُحِبُّكِ يا طفلتي، وأُريد أن أقول لأناس الأرض عن الجحيم."
نظرتُ قدر ما إستطعت الى الأسفل، الى فكَّي الجحيم من خلال كُوّةٍ في جانبي الفكين. خرجتْ صرخاتُ ألمٍ وعذاب من هناك. تسائلتُ، متى سينتهي هذا؟ سأكونُ سعيدة لأرتاح منه كله.
ثم في الحال، شعرتُ بأنني مفقودة. لا أستطيع أن أقول كيف عرِفتُ ذلك، لكني عرِفتُ من كل قلبي أن يسوع رحلَ. شعرتُ بحُزنٍ شديد. أدرتُ بنفسي لأرى أين كان. تأكدتُ من عدم وجود يسوع هناك! صرختُ "أوه، لا. ليس ثانية. يا يسوع، أين أنتَ؟"
ما ستقراه الأن سيُخيفيك. أُصلـّي أن يُخيفك كي يجعلك ذلك مؤمناً. أُصلـّي أنك ستتوب عن خطاياك كي لا تذهب الى هذا المكان المرعب. أُصلّي بأنك ستـُصدقني، لأني لا أُريد أن يحدث هذا لأيِّ إنسان أخر. أُحِبُّكم وأتمنى أن تستيقظ قبل فوات الأوان.
إن كُنتَ مسيحيّاً وتقرأ هذا، تأكد من خلاصِك. كُنْ مستعداً للقاء الرَّب في كل الأوقات، لأنه أحياناً ليس هناك وقتٌ للتوبة. إبق ضوءك مُنيراً ومِصباحك ممتلئاً بالزيت. لأنك لا تعرف متى سيرجعُ. إن لم تكن مولوداً ثانية، إقرأ يوحنا 3: 16 - 19، وإطلب الرَّب. هو سيُنقِذك من مكان العذاب هذا.
فيما كنت أُنادي بيسوع، بدأتُ أركض الى قاع التلة لأبحث عنه. ثم أوقفني شيطان كبير ومعه سلاسل. ضحك وقال، "ليس لكِ أي مكان تركضين إليه، يسوع ليس هنا حتى ينقذكِ. أنتِ هنا في الجحيم الى الأبد."
صرختُ، "أوه لا، دعني أذهب!" تشاجرتُ معه بكل قوتي ولكن سرعان ما ربطني بسلسلة وألقى بي على الأرضية. وإذ كنتُ ممددة على الأرضية، بدأتْ غشاوة لزِجة برائحة كريهة تغطي جسدي، كانت رهيبة لدرجة أشعرتني بالمرض. لم أكن أعرِف ما الذي سيحدث لي بعدئذ.
ثم شعرتُ بأن لحمي وجلدي بدأ بالتساقط من عظامي! صرختُ وصرخت في رُعب مُدقِع، "أه، يا يسوع، أين أنت؟"
نظرتُ على نفسي ورأيتُ أن ثقوباً بدأت تظهر على كل ما تبقى من لحمي. بدأتُ أتحوَّلُ الى لون رمادي قـذِر، ولحم رمـادي تسـاقط مني. كانت هنـاك ثقوبـاً فيَّ، في الجوانب والسـيقانِ واليـدان والذراعــان. صرختُ، "أوه، لا إني في الجحيم الى الأبد! أوه، لا!"
بدأتُ أشعر بالديدان في داخلي ونظرتُ لأجد بأن عظامي مُحتشدَةٌ بها. حتى عندما لم أستطِع رؤيتها، كنتُ أعرِف أنها هناك. حاولتُ أن أتخلـَّص منها، لكنه جاءت ديدانٌ أكثر تملأ مكانها. إستطعت أن أشعر بالتعفنِ في جسدي.
نعم، كنتُ أدرك كل شئ وأتذكر بالضبط ما حدث على الأرض. كنتُ أستطيع أن أشعر، أرى، أشم، أسمع وأذوق عذاب الجحيم. كنتُ أستطيع أن أرى ما في داخلي. لم أكن إلا شِكل هيكل عظمي، ومع ذلك كنتُ أشعر بكل ما كان يحدث لي. رأيتُ أخرين مثلي. كانت هناك نفوسٌ بقدر ما إستطاعت عيني رؤيته.
صرختُ في ألم عظيم، "يا يسوع، أرجوك ساعدني يا يسوع." أردتُ أن أموت ولكني لم أستطيع ذلك. شعرتُ بالنيران تضطرم في رجليَّ. صرختُ، "أين أنت يا يسوع؟" تقلبتُ على الأرضية وصرختُ مع الذين كانوا معي. كنَّا مطروحين في فكَّي الجحيم في أكوام صغيرة، مثل نفايةٍ مرمية. كان ألم لا يطاق يُمسِك نفوسنا.
إستمرتُ في الصراخ أكثر وأكثر، "أين أنتَ يا يسوع؟ أين أنتَ، يا يسوع؟"
تسائلتُ إن كان كل هذا حِلماً؟ هل أنا سأستيقظ؟ هل أنا فعلاً في الجحيم؟ هل إرتكبتُ بعض الخطايا ضد اللَّه وفقدتُ خلاصي؟ ماذا حدث؟ هل أخطأتُ أنا الى الروح القدس؟ تذكرتُ كل تعليمات الإنجيل التي سمِعتها قبلاً. كنتُ أعرِف أن عائلتي كانت موجودة في مكان ما فوقي. وفي رُعبٍ، أدركتُ إنني في الجحيم مثل كل هذه النفوس التي رأيتها وتكلمتُ معها.
شعرتُ بغرابة كبيرة لقدرتي على رؤية كاملة لما في داخل جسدي. كانت الديدان قد بدأت تزحفُ عليَّ ثانيةً. كنتُ أشعرُ فيها وهي تزحف. صرختُ بخوف وألم.
ثم قال شيطانٌ، "يسوعك تخلَّى عنكِ، أليس كذلك؟ حسناً، أنتِ مُلك إبليس الأن!" خرجتْ ضِحكة شريرة منه فيما كان يلتقطُ شكلي الهيكلي ويضعني فوق شئ ما.
حينئذٍ إكتشفتُ بأني جالسة على ظهر شِكل حيِّ وميِّتٍ لنوع حيوانٍ ما. كان الحيوان، مثلي، بلون رمادي قذر، مُمتلئاً بلحمٍ قذِر ومتعفن وميِّت. إمتلاً المكان برائحة كريهة. أخذني الحيوان ووضعني فوق رفٍّ. فكّرتُ، يا رب، أينَ أنت؟
إجتزنا، أنا والحيوان، العديد من النفوس التي كانت تصرُخ طالِبة النجاة. سمِعتُ صوتاً عالياً عند إفتتاح فكَّي الجحيم فسقطتْ نفوسٌ كثيرة مُجتازةً إيانا. كانت يداي مُقيّدة وراء ظهري.
لم يكن الألم مُتواصِلاً، بل كان يجئ فجأة ثم ينصرِف فجأة. كنتُ أصرخُ في كل مرة تأتي الألام وكنتُ أنتظر بفزعٍ متى تخمدُ.
فكرتُ، كيف سأخرج من هنا؟ ماذا سيحدث بعد؟ هل هذه هي النهاية؟ ماذا فعلتُ لأستحِقَّ الجحيم؟ بكيتُ في ألمٍ، "يا رب، أينَ أنت؟"
بكيتُ، لكن لم تخرُج دموع بل تنهدات جافة هزَّت جسدي. توقف الحيوان أمام شئ ما. نظرتُ لأرى غرفة جميلة ممتلئة ثروةً باهِظة وجواهِر مُتألِقة. وكان في مركز الغرفة إمرأة جميلة مرتدية ملابِس أميرة. تسائلتُ وأنا في حالة يأسي ما عسى أن يكون هذا.
قلتُ، " يا إمرأة، أرجوك ساعديني." إقتربتْ مني وبصَقَتْ على وجهي. لعنتني وقالت أشياء بذيئة لي. صرختُ، "يا رب، ما هي الخطوة التالية؟" خرجتْ ضِحكة شريرة من المرأة.
وهنا قدام عيني تحوَّلت المرأة الى رجل، ثم الى قطة، ثم الى حصان، ثم الى أفعى، ثم الى فأرة، ثم الى رجل شاب. كل ما أرادت إختياره، كان يصير. كانت لها قوة شريرة عظيمة. في قمةِ غُرفتها كان مكتوباً "ملكة إبليس."
إستمر الحيوان في مشـيته، وبدا لي وكأنهـا عدة سـاعات، ثم توقف. وبِدفعـةٍ ألقى بي الحيوان على الأرضية. نظرتُ الى فوق فرأيتُ جيشاً من الناس راكبين خيولاً وأتين نحوي. إضطررت أن أزيح بنفسي على جهة فيما كانت تجتازُني. كانت هي أيضاً هياكِل عظمية بلون رمادي قذر، لون الموت.
بعد إجتيازهم، أُلتقِطتُ مِن الأرضية ووضِعتُ في حجيرة. وفيما غلق أحدٌ الباب، نظرتُ الى الجدران برعب وصرختُ. صلّيت، ولكن بدون أمل. بكيتُ وتبتُ الاف المرات لخطاياي. نعم، فكرتُ في العديد من الأشياء قد أكون عَملتها لإرشاد الأخرين للمسيح او عند مساعدة أحدٍ حينما إحتاجني. تبْتُ عن الأشياء التي عَملتها والأشياء التي أهملتها.
بكيتُ قائلة، "يا رب، أُنقذني." وكنتُ أدعو اللَّه مرة بعد مرة ليساعدني. لم أستطِع رؤيته ولا الشعورُ به. كنتُ في الجحيم مثل بقية النفوس التي رأيتها هناك. سقطتُ على الأرضية في ألمٍ وبكيتُ. شعرتُ إنني فـُقِدت الى الأبد.
مرَّت ساعاتٌ، وبين الحين والأخر كنتُ أسمعُ صوتاً عالياً، ثم تسقط نفوس أخرى في الجحيم. إستمرت أستنجدُ، "يا يسوع، أين أنت؟" ولم يأتي جواب. بدأت الديدان تزحفُ ثانية داخل شكلي الروحي. كنتُ أشعرُ بها في داخلي.
كان الموتُ في كل مكان. لم يكن لي لحم، ولا أعضاء، ولا دم، ولا جسد ولا أملٌ. كنتُ مستمرة في سحبِ الديدان من هيكلي العظمي. كنتُ أعرِفُ كل ما كان يحدثُ، وأردتُ الموتَ ولكني لم أستطع ذلك. نفسي ستحيا هنا الى الأبد.
بدأت أُغني عن حياة وقوة دم يسوع، الذي يقدر أن ينقذني من الخطيئة. حينما فعلتُ ذلك، جاءت شياطين ضخمة ومعها رماحٌ وصرختْ، "توقفي عن ذلك" ثم طعنوني بالرماح، فشعرت بومضات من النار حين أدخلوا رأس الرِماح داخل هيكلي. وكانوا يطعنوني مرات ومرات.
ورتـّلوا، "إبليس هو اللَّه هنا. نحن نكره يسوع وكُل من يؤيده"
وعندما واصلتُ الغناء، قاموا بإخراجي من الحجيرة وجرّوني الى ثغرةٍ كبيرة وقالوا لي، "إن لم تسكتي فإن عذابكِ سيكونُ أعظم."
توقفتُ عن الغِناء، وبعد تأخر طويل أرجعوني الى الحجيرة. تذكرتُ أيةٍ من الكتاب المقدس عن سقوط الملائكة الذين كانوا مقيّدين بسلاسل حتى مجئ الحُكم النهائي. تسائلتُ إن كان ذلك الحُكم عليَّ. فبكيتُ، "يا رب أُنقذ الناس على الأرض. أيقظهم قبل فوات الأوان." أتت أياتٍ كثيرة من الكتاب المقدس في ذهني، لكني كنتُ أخافُ الشياطين ولم أستطع التفوه بِها.
إمتلأ الهواء القذِر بالصرخات والعويل. رأيت فأراً يزحف بالقرب مني فرفسته. فكرتُ بزوجي وأطفالي وبكيتُ، "يا اللَّه، لا تدعهُم يأتون الى هنا." لأني عرفتُ بالتأكيد إني كنتُ في الجحيم.
لكن اللَّه لم يسمعني. فكرتُ بأن أذان العليّ كانت مسدودة لصرخات الجحيم. يا ريت لو أصغى لي شخص ما.
ثم ركض فأر كبير على رجلي وعضَّني. صرختُ ودفعتهُ. خلـَّف الفأرُ ألماً شديداً فيَّ.
ثم ظهر نارٌ فجأة وبدأ يتجه نحوي ببطء. مرَّت ثواني ودقائق وساعات. عرِفتُ بأني خاطئة ومكاني في الجحيم. بكيتُ، "يا موت أرجوك تعال،" بدا لي أن صرخاتي ملئتْ فكَّي الجحيم. أخرين إنضموا معي في الصراخ، ولكننا هالكين الى الأبد، لا مخرج. كنتُ أُريد الموت ولكني لم أستطِع أن أموت.
وقعتُ على الأرضية في كومة، شاعِرة بكل هذا العذاب. ثم سمعتُ إنفتاحَ فكَّي الجحيم ثانية، وجاءت نفوسٌ أكثر الى الجحيم. صارت النار تحرِقني الأن فشعرتُ بألمٍ جديد. كنتُ أعلمُ كل ما كان يحدثُ. كان لي ذِهنٌ حاد وسليم. كنت أعرِف كل هذه الأشياء، وكنتُ أعرِف أنه حين تموت النفوس على الأرض غير مُخلـَّصةٍ من خطاياها، بأنها ستأتي الى هنا.
بكيتُ، "يا إلهي أُنقذني. أرجوك أُنقذ جميعنا."
تذكرتُ كل حياتي وكل الذين تكلَّموا معي عن يسوع. تذكرتُ كيف كنتُ أُصلّي للمرضى وكيف كان يسوع يشفيهم. تذكرتُ كلمات الرَّب عن المحبَّة والعزاء والأمانة.
فكرتُ أنه لو كنتُ فقط مثل يسوع، لما كنتُ هنا. فكرتُ في كل الأشياء الحسنة التي أعطاها اللَّه لي، كيف أعطاني النسمة لأتنفس، الطعام، الأطفال، الدار، وأشياء ممتعة كثيرة. لكنه إن كان هو إلهٌ جيد، لماذا أنا هنا؟ لم تكن لي القدرة على النهوض، لكن نفسي كانت مستمرة في البكاء، "دعني أخرج من هنا."
كنتُ أعرِفُ ان الحياة مستمرة فوقي وأن أصدقائي وعائلتي يتجولون وينشغلون في حياتهم العادية. كنتُ أعرِف أن هناك على الأرض ضِحك، محبَّة، لطف. لكن حتى هذا بدأ يضمحل بوجود الألم الرهيب. وملأ ذلك المكان من الجحيم شِبه ظلام وضباب قذر خافتٍ. ثم رأيتُ نور أصفر خافِت في كل مكان، وشممتُ رائحة لا تطاق للحمٍ متعفن وفاسد. كانت الدقائق تمر وكأنها ساعات، والساعات تمتد لتصير أبدية. أه متى ينتهي كل هذا؟
لم يكن لي نوم، ولا راحة، لا طعام ولا ماء. كان لي جوعٌ عظيم وكنتُ عطشانة جداً حتى إني لا أتذكر هكذا عطشٍ في حياتي كلها. كنتُ متعبة جداً وأُريد النوم لكن الألم كان مستمراً أكثر وأكثر. في كل مرة كانت فكَّي الجحيم تنفتحُ كانت شحنة أخرى من النفوس تـُقذفُ الى داخل الجحيم، وكنتُ أتسائلُ يا ترى هل سيكون أحدٌ من الذين أعرِفهُم ضِمنهم. هل سيجلبونَ زوجي أيضاً الى هنا؟
ساعات مرت منذ وصولي الى فكَّي الجحيم. ثم أدركتُ وجودَ نور يملأ الغرفة. وفي الحال توقف النار، وهرب الفأر، وترك الألمُ جسدي. نظرتُ لأرى أيَّ مخرجٍ للفرار، ولكن لم يكن هناك أي مخرجٍ.
تسائلتُ ما الذي حدث. إنتبهتُ الى كُوَّة الجحيم عارِفة حدوث شئ مريع. ثم بدأ الجحيم بالإهتزاز وبدأ نار الإحتراق ثانية. وبدأ ظهور الأفاعي والفئران والديدان ثانية، وشعرتُ بألم لا يطاق ملأ نفسي إذ إبتدأ العذابُ ثانيةً.
صرختُ فيما كنتُ أضرب بعنف الأرضية بيدي العظمية، "يا اللَّه، دعني أموت" صرختُ وبكيت، ولكن لم يكن أحد يعرِف او يهتم.
وفجأة إرتفعتُ من الحجيرة بقوةٍ مخفية. حين إستردتُ الوعي، كنَّا، يسوع وأنا، واقفين بجانب بيتي. صرختُ، "لماذا، يا رب، لماذا؟" ووقعتُ عند قدميه في يأس.
قال يسوع، "سلام، إهدأي." وفي اللحظة كنتُ في سلام. رفعني برقـّة ووقعتُ في نوم بين ذراعيه.
حين إستيقظتُ في اليوم التالي، كنتُ مريضة جداً. وأنا في البيت كنتُ أتذكر وأعيش الجحيم وعذابه لأيام عديدة. وكنتُ في الليل أستيقظُ صارِخة أن هناك ديدان تزحفُ داخلي. كنتُ خائِفة جداً مما جرى لي في الجحيم.
الفصل العشرون
السماء
كنتُ مريضة لعدة أيامٍ بعد أن تـُركِتُ في فكَّي الجحيم. كان عليَّ في البيت إبقاء النور حتى الصباح عند النوم. إحتجتُ الى الكتاب المقدس ليكون معي في كل الأوقات، وأن أقرأه بإستمرار. كانت نفسي تعاني صدمة شديدة. أعرِفُ الأن ما عانته النفوس المفقودة حين ذهبت الى الجحيم للبقاء هناك.
وفي نومي كان يسوع يقول، "سلام، إهدأي" وكان السلام يغمرُ نفسي. ولكن بعد عدة دقائق، تراني أستيقظ وأنا أصرخُ في هستيريا وخوف.
خلال هذه الفترة، كنتُ أعرِفُ إني لست وحدي أبداً، إذ كان يسوع دائماً معي. ولكن رغم هذه المعرفة، كنتُ بعض الأحيان لا أشعر بوجودهِ. وكنتُ خائفة جداً من الرجوع ثانية الى الجحيم حتى إني كنتُ أخاف بعض الأحيان ويسوع بالقرب مني.
حاولتُ أن أقول للناس عن خبرتي في الجحيم. لكنهم لم يستمعوا لي. توسلتُ إليهم، "أرجوك، تب عن خطاياك قبل فوات الأوان." كان يصعب على كل واحدٍ منهم أن يُصَدِّق ما كنت أقوله لهم عن العذاب الذي إختبرته وكيف أن يسوع قال لي لأكتبَ عن الجحيم.
أكـَّد الرَّب لي بأنه هو الذي شفاني. ومع ذلك كنتُ أؤمن بأني لنْ أسترد صحتي تماماً، ولكن الشفاء تمَّ.
ثم حدث ثانية. إذ كنتُ في الروح مع الرَّب يسوع، كنَّا نحلق عالياً في السماء. قال يسوع، "أُريد أن أُريكِ محبَّة وطيبة اللَّه وأجزاءً من السماء. أريدُكِ أن تري أعمال الرَّب العجيبة، فهي غاية في الجمال للنظرِ."
حينئذٍ رأيتُ قدامنا كوكبان عملاقان، كانا جميلان ومُتألقان في إشراقهما. كان اللَّه نفسه هو النور فيهما!
قابلنا ملاك وقال لي، "أُنظري طيبة ولطف الرَّب إلهك. رحمته تبقى الى الأبد." كان هناك شعورٌ قويٌّ جداً لمحبَّةِ ورِقـّةِ الملاك حتى إني أردتُ البكاء حين تكلَّم ثانية، "أُنظري سلطان وقوة وعظمة اللَّه. دعيني أُريكِ المكان الذي إبتَكَره للأطفال."
وفي الحال لاح قدامنا كوكب كبير، كان الكوكب كبيرا كالأرض. ثم سمِعتُ صوتُ الأبِ يقول، "الأب والأبن والروح القدس هم واحد.الأب والأبن هما واحد، والأب والروح القدس هما واحد. أرسلتُ إبني ليموت على الصليب كي لا يهلِك أحدٌ."
"ولكني كنتُ على وشك أن أُريكِ المكـان الذي عمِلته للأطفال. إني أهتم كثيراً بأطفالي. إني أهتم بالطفل حين تفقده أمهُ، كما الحال مع ثمرِ رحمِك، ولِدَ طِفلي قبل أوانِهِ. ألا ترين، بأني أعرف كل الأشياء، وبأني أهتم."
"إني أعرِف، منذ الوقت الذي تتواجد حياةٌ في الرحم. أعرِفُ عن الأطفال الذين قـُتِلوا فيما كانوا داخِل أجساد أُمهاتِهنَّ والأطفال الأحياء المُجهضين الذين تخلـَّصوا منهم والأطفال المنبوذين. أعرِفُ عن المولودين أمواتاً وعن أؤلئك الأطفال الذين يولَدوا بعيوب عُرجٍ أو شللٍ. إنها نفسٌ، منذ وقتُ الحَملِ."
وختم الأب الكلام، "ملائكتي تنزلُ وتجلِبُ الأطفال لي حينما تموت. لدي مكان حيث يكبرون، ويتعلمون ويكونوا محبوبين. أُعطيهم أجساداً كاملة وأُعيدَ كل الأعضاء المفقودة. أُعطيهم أجساداً مُمجّدة."
كان على الكوكب بأشمله شعورٌ بالمودة، وإحساس برفاهية كاملة. كل شئٍ كان كاملاً. كان هنا وهناك وسط العُشب الأخضرِ المُورِق والبركِ البلورية ذات المياه الصافية ملاعِبٌ بمقاعدِ رُخامٍ ومقاعد طويلة خشبية ومصقولةٍ جيداً للجلوس عليها.
وكان هناك أطفال. وأينما نظرتُ، رأيتُ أطفالاً يلعبون مختلف الألعابِ. وكان كُل طفلٍ مرتدياً رداءً أبيضاً نظيفاً وصندلاً. وكان لون الرداء مُشرقاً جداً حتى إنها كانت تتلألأُ داخلَ نورِ الكوكب الرائع. وإنعكست غزارة اللون الموجودِ في كل مكان على رداء الأطفال الأبيض. كانت الملائكةُ تحرس البوابة، وكانت أسماءُ الأطفال جميعاً مكتوبة في كتاب.
رأيتُ أطفالاً يتعلّمون كلمة اللَّه وكانوا يُعلـِّمَون الموسيقى من كتابٍ ذهبي اللون. إندهشتُ حين رأيتُ حيوانات من كل الأنواع وهي أتية عند الأطفال أو جالسةً بجنبهم فيما كان الأطفال في مدرستهم السماوية هذه.
لم يكن هناك دموعٌ ولا حزن. كل شئ كان في غاية الجمال، وكان الفرح والسعادة في كل مكان.
ثم أراني الملاكُ كوكباً أخر حيث كان يتوهَّج قدامي مثل نورٍ عظيم. وكان إشراق النورِ كتألـّقِ الملايين من النجوم، وكل شئ في الكوكب كان جميلاً ومُفعماً بالحياة.
ورأيتُ عن بُعدٍ جبلين معمولين من ذهب خالِص، فيما كان بقربي بوابتين ذهبيتين مطمورة فيهما ماسٍ وأحجارٍ كريمة. عرِفتُ إنها الأرض الجديدة وأن المدينة الرائعة أمامي هي أورشليم الجديدة، مدينة اللَّه النازِلة الى الأرض.
ثم رجعتُ ثانيةً الى الأرض القديمة، الأرض كما كانت قبل أن تـُطهِّرها وتـُنظِّفها النيران الختامية حسب قصد اللَّه المجيد. وهنا أيضاً كانت أورشليم الجديدة، عاصمة العصر الألفي. ورأيتُ أُناساً خارجين من الكهوف والجبال منطلقين نحو هذه المدينة.
هنا كان يسوع ملِكاً، وجلبتْ إليه كل شعوب الأرض هدايا وقدَّمَتْ له الولاء.
أعطاني يسوع ترجمة الرؤية، "قريباً سأعودُ وأسترِد معي الى السماء الموتى الأبرار أولاً، ثم بعدهم أؤلئك الأحياء الباقين سيُرفعوا ليكونوا معي في الهواء. بعد ذلك، سيحكمُ عدّو المسيحِ على الأرض لفترة معينة، وستكون هناك ضيقة لم يكن مثلها سابقاً، ولن يكون مثلها أبداً."
"بعد ذلك سأعودُ مع قديسيَّ، وسيُطرح إبليس الى حُفرة بدون قاع، حيث سيبقى هناك لألفِ سنة. خلال هذه الألف سنة سأحكُمُ أنا على الأرض مِن أورشليم. ثم بعد مرور الألف سنة، سيُطلق سِراح إبليس لفترة، وأنا سأُهزِمه بمجيئي المُنير. والأرض القديمة ستزول."
الفصل الحادي والعشرون
ديانة مُزيَّفة
قال الرَّب، "إذا أصغى شعب الأرض لي وتاب عن خطاياه، فإني سأكبحُ أعمال عدّو المسيح والوحش الى أن يأتي زمن الإنتعاش. ألم يتب شعب نينوى بكِرازة يونان؟ أنا هو أمس واليوم والى الأبد. توبوا، وأنا سأُرسل فترة بركةٍ."
"ينبغي على شعبي أن يُحِبَّ الواحد الأخر وأن يُساعد الواحد الأخر. ينبغي أن يكرهوا الخطيئة وأن يُحِبُّوا الخطاة. بهذه المحبَّة سيعرف جميع الناس بأنكم تلاميذي."
وفيما كان يسوع يتكلم، إنفتحتِ الأرضُ، ورجعنا ثانيةً الى الجحيم. رأيتُ منحدرَ تلـَّة ممتلئاً بجذوع أشجار ميتة، وكل ما كان حولها كان قذارة بلون رمادي. كما رأيتُ حُفراً صغيرة في منحدر التلة، ونفوسٌ بشكل رماديٍّ يمشون ويتكلمون.
تبعتُ يسوع في ممرٍ مُلتوٍ جداً وقذِر يؤدي الى التلةِ الرمادية. وفيما كنَّا نقترب منها، رأيتُ أناساً كامِلي الأجساد، لكنهم موتى. كانوا متكونينَ من لحمٍ رمادي ميّت ومربوطين الواحد بالأخر بحبلِ عبودية، كان الحبلُ مصنوعٌ من مادة رمادية وملفوفٌ حول الناس الموجودين على التلَّة. ومع أنه لم يتواجدَ نارٌ هناك، لكني عرِفتُ بأن هذا جزءٌ من الجحيم، لأن اللحم الميّت تساقط من عظام الناس هناك ثم نما ثانية بسرعة. الموت كان في كل مكان، لكن بدا لي أن الناس لم ينتبهوا إلينا، إذ كانوا مُنهمكين بعمقٍ في المحادثةِ فيما بينهم.
قال يسوع، "دعنا نسمع ما يقولونه."
قال رجل لأخر، "هل سمِعتَ عن رجل إسمه يسوع الذي جاء ليمحي الخطيئة؟"
أجاب الأخر، "أنا أعرِف يسوع. هو غسل خطاياي. في الواقع، إني لا أعرِف لماذا أنا هنا."
قال الرجل الأول، "ولا أنا أعرِف ذلك."
قال أخرٌ، "حاولتُ أن أشهد لجاري عن يسوع، لكنه لم يرِد حتى الإستِماع لي. حينما ماتت زوجته، جاء إليَّ ليقترِض مالاً لغرض الجنازةِ، لكني تذكرت أن يسوع قال أنه علينا أن نكون حكماء كالحيَّات وودعاء كالحمام. لذا فإني طردتهُ. كنتُ أعرِف إنه سيصرف المال لغاية أخرى. علينا ان ندير أموالنا بشكل جيد."
ثم قال الرجل الأول الذي تكلم قبلاً، "نعم يا أخي. كما أن شاب في كنيستنا إحتاج الى ملابس وأحذية، لكن والده يشربُ الكحول، لذا فإني رفضتُ أن أبتاع لإبنه أي شئ، نحن فعلاً أعطينا ذلك الرجل درساً."
أجاب أحدٌ أخر، فيما كان يُمسك حبلَ العبودية بيديه ويلفهُ حول نفسه بعصبية، "حسناً، علينا دوماً أن نُعلـّم الأخرين ليعيشوا مثل يسوع. ذلك الشخص لم يكن له الحق في الشُّربِ، دعه يُعاني الأن."
قال يسوع، "أيها الناس الحمقى وأغبياء القلوب، تيقظوا للحق، وأحِبُّوا الواحد الأخر محبَّة حماسية. ساعدوا البائسين. أعطوا للمُحتاجين بدون تفكير الحصولِ على شئ مُقابِله."
"يا أرض، إن أردتي التوبة، فإني سأُبارِككِ ولن العَنكِ. تيقظي من نومكِ، وتعالي إليَّ. تواضعي واحني قلبكِ قدامي، وأنا سأتي وأعيشُ معكِ. ستكونين شعبي وأنا أكون إلهكِ."
الفصل الثاني والعشرون
علامة الوحش
سمِعتُ الرَّب يقول، "لن تجاهد روحي مع الإنسان على الدوام. تعالي وأُنظري الوحش."
"خلال الأيام الأخيرة سيظهر وحشٌ شـرير على الأرض ويخدع الكثيرين من كل أمة على الأرض. وسيطلبُ من كل واحد أن يستلِمَ علامته، الرقم 666، موضوعة على أياديهم أو على جباههم. وكل من إستلم العلامة سينتمي الى الوحش وسيُلقى معهُ في بحيرة النار التي تحترق بالنار والكبريت."
"سينشأ الوحش على صيحات إبتهاجِ العالمِ لأنه سيجلبُ سلاماً وإزدهاراً لم يكن مثله قبلاً. وحينما يكسبُ سيادته على العالم، لن يكون بإمكان الذين رفضوا إستلامَ العلامة على جباههم أو على أياديهم شِراء طعام، ملابسَ، سيارات، بيوت، أو أي شئ اخر، كما أنه لن يكون بإمكانهم بيع أي شئ لأي واحدٍ إلا إذا أحرزوا على العلامة."
"والرَّب الإله أعلنَ بوضوح أن الذين يستلمون العلامة قرروا الولاءَ للوحش وسيُفصلون عن الرَّب الإله الى الأبد. وسيكون مكانهم مع المُلحدين وفعلة الإثمِ. وببساطة تـُعلِنُ العلامة أن الذين يمتلكونها قد رفضوا اللَّه وعادوا الى مساندة الوحش."
"وسيضطهِدُ الوحش مع أتباعهِ كل الذين رفضوا العلامةَ وسيقتل العديدين منهم. وسيستخدم كل نوع ضغطٍ يحتملِه الإنسان لإجبار المؤمنين باللَّه على أخذِ العلامة. وسيُقتل الأطفال والرُّضع أمام أعيُنَ والديهم الرافضينَ لإستلام العلامة. سيكون زمانُ حِدادٍ عظيم."
"وأؤلئك الذين حازوا على العلامة سيُجبرَون على إرجاعِ ممتلكاتهِم الى الوحش مبادلة بوعدٍ أنَّ الوحش سيُلبي جميع إحتياجاتِ أتباعهِ."
"قسماً مِنكُم سيضعف ويستسلم للوحش ويستلِمَ علامتهِ على يده أو على جبهتهِ. ستقولون: اللَّه سيغفر. اللَّه سيفهم. لكني لن أندم على كلمتي. أنا أنذرتكُم تِكراراً على فم أنبيائي وكارزي الإنجيل. توبوا الأن فيما لا يزالُ هناك وقت، لأن الليل أتٍ حينما يقرَّرُ الحكُم الى الأبد."
"إن لم تـُطِع الوحش ورفضتَ أخذ العلامةِ، فإني سأهتم بِك. لست أقول أنه لا ينبغي على الكثيرين أن يموتوا بسبب إيمانهم في تِلك الأوقات، لأن رؤوس الكثيرينَ ستـُقطع لإيمانهِم بالرَّب الإله. لكنهُ مباركينَ الذين يموتون في الرَّب لأن مكافأتهم ستكون عظيمة."
"صحيح، سيكون هناك وقتُ سلامٍ وإزدهار حيث سيكتسِب الوحش من خلالها شعبيةٍ وتقدير. سيجعلُ مشاكل العالمِ وكأنها تافهة ولكن السلام سينتهي بإراقةِ الدماء وسيتحول الإزدهار الى مجاعةٍ عظيمة عبر الأرض."
"لا تخافوا ما يعملهُ الإنسانَ بكُم، ولكن خافوا من ذاك الذي بإمكانه إلقاءَ نفوسكم وأجسادكم في الجحيم. لأنه مع تعاظم الإضطهادِ والضيق العظيم فإني سأُنجدكم من جميعِها."
"ولكن قبل مجئ ذلك اليوم الشرير، فإني سأحشدُ جيشاً عظيماً، سيعبُدني بالروح والحق. وسيعمل جيش الرَّب هذا مأثِرَ عظيمة وأعمالٍ رائعة لي. لهذا، تعالوا معاً واعبدوني بالروح والحق. إجلبوا ثمار البِر، واعطوني ما هو حقّي، وأنا سأحفظم من ساعة الشَّر. توبوا الأن واخلصوا من الأشياء الرهيبة التي ستحدثُ على المتمردين وغير المُخلـَّصين."
"أُجرة الخطيئة الموت، ولكن عطية اللَّه هي حياة أبدية. ادعوني طالما تستطيع ذلك، وأنا سأقبلُك وأغفرُ لك. إني أُحِبُّك ولست أرغب أن تكون من الهالكين.
وختمَ الرَّب كلامه، "صدِّق هذا التقرير وعِش. إختار اليوم لِمَن تريد الخِدمةَ."
الفصل الثالث والعشرون
عودة المسيح
رأيتُ عودة الرَّب. سمِعتُ دعوته مثل صوت بوق وصوت رئيس الملائكة. وإهتزَّتْ كل الأرض، وخرج من القبور الموتى الأبرار لملاقاة الرَّب في الهواء. وبدا لي أنه لساعاتٍ عديدة كانت الأبواق تـُبَوّق، وأعطت الارضُ والبحر أمواتها. وقفَ الرَّب يسوع المسيح على السُّحب في رداء ناريٍّ ناظِراً مشهداً مجيداً.
سمعتُ صوت الأبواق ثانية. وفيما كنتُ أنظر، رأيتُ أؤلئكَ الذين كانوا أحياء وبقوا على الأرض يصعدونُ لملاقاتِهِ. رأيتُ المفديين كملايينٍ من النقاط الضوئية متركزينَ في مكانِ تجمُّعٍ في السماء. وهناك إستلمَ كُل واحِدٍ منهم رِداءٍ أبيضٍ خالِص من قبل الملائكة. كان هناك فرحٌ عظيم.
وكان قد أُعطي للملائكة تنفيذ الأوامر، وبدا لي أنهم كانوا في كُلِّ مكانٍ ويعطون عناية خاصة لهؤلاء المقامين من الموت. ورأيتُ أنه أُعطي جسـداً جديـداً لكل مَفدِيٍّ، وكانوا يطيـرون خلال الفضـاء بأجسادهم المُتحوّلة. إمتلئتِ السماء بفرحٍ وسعادة عظيمـة، وكانت الملائكـة تغني، "المجد لملك الملوك!"
وفي أعالي السموات رأيتُ جسداً روحيّاً ضخماً، كان جسدُ المسيح. وكان الجسد مُتمدِّداً على ظهره على سرير، وصارَ الدم يقطُر الى الأرض. عرِفتُ أنه كان جسد الرَّب المذبوح. ثم كبر الجسدُ أكثر وأكثر حتى ملأ السموات. وكان يدخلُ فيه ويخرج منه الملايين من المفديين.
راقبتُ بدهشةٍ فيما كانت الملايين تتسلق درجاتِ سُلـَّم لتصل الى الجسد وتملئهُ مُبتدِأةً من القدمين ومستمرةً من خلال الساقين والذراعين والمعدة والقلب والرأس. وحين إمتلأ، رأيتهُ مملوءاً رجالاً ونساءً من كل أُمة وشعب ولِسان على الأرض. وبصوتٍ عظيم سبَّحَ الجميع الرَّب.
كانت الملايينُ جالِسة قدام عرشٍ، ثم رأيتُ الملائكة جالبينَ الكُتبَ التي منها سيُقرأ الحُكمُ. وكان هناك عرشُ الرحمةِ، ووزِّعت المكافأت للعديد منهم.
وفيما كنت أنظرُ، غطَّت الظلمةُ وجه الأرض، ورأيتُ قوات الشَّر في كل مكانٍ،
بأعدادٍ لا تحصى من الأرواح الشريرة التي أُطلِقت من سجونها وتدفقت على الأرض. سمِعتُ الرَّب يقـول، "الويل لساكني الأرض، لأن إبليس جاء ليسكُن بينكم."
ثم رأيتُ وحشاً غاضِباً يسكب سَمَّهُ على كل الأرض. إهتزَّت الأرض من غضبهِ الشديد، ومن حُفرةٍ بلا قاع أتتْ حشودٌ من كائنات شريرة لتـُسَوِّدَ الأرض من أعدادها الضخمة. وهرب الرجال والنساء الى التلال والكهوف والجبال وهم يصرخون هَلَعاً. وكانت هناك حروب على الأرض ومجاعات وموت.
وفي النهاية رأيتُ خيولاً ناريّة ومركبات تجرُّها الخيول في السموات. وإرتعشت الأرض، وتحوَّلت الشمس الى لون أحمر مثل الدم. فقال أحدُ الملائكةِ، "إسمعي يا أرضُ، الملِكُ قادِمٌ!"
وهناك في السماء ظهر ملك الملوك ورب الأرباب، وكان معه قديسين بكل الأعمار، مكسُوُّين ببياض خالِصٍ. وتذكرتُ أن كل عينٍ ستنظرهُ وكل رُكبةٍ ستنحني أمامه.
ثم قامت الملائكة بإستخدام مناجلها وحصدت الحبوب الناضجة، التي هي نهاية العالم.
قال يسوع، "توبوا واخلصوا، لأن ملكوت اللَّه قريبٌ. مشيئتي وكلمتي ستـُنجزُ. أعِدُّوا طريق الرَّب."
ففكرتُ، علينا أن نُحب الواحد الأخر. علينا أن نكون حازمين في الحق وأن نُصَحِّح أطفالنا مُدركينَ عودة المسيح القريبة. لأنه بالتأكيد الملِكُ قادمٌ.
الفصل الرابع والعشرون
مناشدة اللَّه النهائية
قال يسوع، "أُوصي الذين في العالم أن لا يكونوا مُتعجرفين أو واضعينَ ثِقتهم في ثروات غامضة، بل ليثقوا في الإله الحي، الذي أعطانا غِنى كل الأشياء لنتمتعَ بها. سيروا في الروح فلَنْ تـُنجِزوا شهوة الجسد."
"لا تنخدعوا، اللَّه لا يُسخَر مِنه. لأن ما يزرعهُ الإنسان إيّاه يحصد أيضاً. إزرع للجسد فستحصد فساداً. إزرع للروح فستحصد حياةً أبدية. أعمال الجسد هي الزنا، الدعارة، الوثنية النجسِة، السِّحر، الغيظ، الحسد، السُّكر، العربدة وما شابهها. الذين يعملون هذه الأشياء لن يرِثوا ملكوت اللَّه."
"ثمار الروح هي هذه: المحبَّة، الفرح، السعادة، الصَّبر، اللطف، الطيبة، الأمانة، الوداعة وضبط النفس. فالذين هُم للمسيح صلبوا الجسد مع شهواتهِ."
"حينما تـُنجز كلمة اللَّه، حينئذ ستأتي النهاية. لا أحدَ يعلمُ اليوم ولا الساعة عن وقت عودة إبن اللَّه الى الأرض. ولا حتى الإبن يعلمُ، لأن ذلك معلومٌ فقط عند الأب. الكلمة صارت تُنجَزُ سريعاً. تعالوا كأطفالٍ صِغار، ودعوني أُطهِّركُم من أعمال الجسد. قولوا لي: يا رب يسوع، تعال الى قلبي وإغفر خطاياي. أنا أعرِف إني خاطئ وإني أتوب عن خطاياي. إغسلني بدمك وإجعلني طاهِراً. أخطأتُ ضد السماء وقدامك ولستُ مُستِحقاً أن أكون لكَ إبناً. إني أستقبِلكُ بالإيمان كمُخلـِّص لي."
"أيها الرعاة سأُعطيكُم قلبي، وسأكون راعيكم. ستكونون شعبي وأنا سأكون إلَهكُم. أقرأوا كلمة اللَّه، ولا تتخلـَّوا عن إجتماعاتكم. أُعطوا حياتكُم كامِلة لي وأنا سأحفظكُم. لن أترككُم ولن أتخلـَّى عنكُم."
أيها الناس، لنا مدخَلٌ عند الأب بروح واحد. أُصلّي أن يأتي جميعكم ويُعطي قلبهُ للرَّب.
الفصل الخامس والعشرون
رؤى السماء
بعضاً من هذه الرؤى أُعطيتْ لي قبل أن يأخذني يسوع الى الجحيم. بعضاً منها جاءت عند نهاية رحلتي عِبر الجحيم.
تشابُهٌ للَّه
إستلمتُ هذه الرؤية السماوية فيما كنتُ في صلاةٍ عميقة وتأمُلٍ وعبادة.
حلَّ مجد اللَّه على المكان الذي كنتُ أُصلي فيه. رأيتُ قدام عيني موجاتٍ عظيمة من النار وأنواراً ساطِعة وقوةً عظيمة. وكان في مركز النار والأنوار عَرشَ اللَّه. وكان على العَرشِ شَبَهٌ للَّه. فتدفقَ الفرحُ والسلام والمحبّة مِن اللَّه العليَّ.
وكان الهواءُ حول العَرشِ مُمتلئاً بأطفالِ ملائكةٍ، حيثُ كانوا يُغنّون ويُقبِّلون الرَّب على وجههِ، ويديه وقدميه. وكانت الأغنية التي غَنُّوها، "قدوس، قدوس، قدوس الرَّب الإله العليَّ." وكان لهذه الملائكةِ ألسِنةً من نارٍ موضوعة على رؤوسـها وعلى قِمَـمِ أجنِحتهـا الصغيـرة. وبدا لي أن حركة الأجنحـةِ كانت متزامِنةً مع حركة قوةِ ومجدِ الرَّب.
ثم طارت هذه الأطفال المُجنَّحةِ نحوي ولمَستْ عيوني.
الجبال الذهبية
في رؤية أخرى، أشرفتُ على الأرض مِن على بُعدٍ. إستطعتُ رؤيةَ أميالٍ عديدة من الأراضي وهي متعطِشة الى المطر. كانت التربة متشققة وجافة وقاحلة. لم يكُن هناك أيّ شجرة أو أيّ نُموِ نباتٍ من أي نوع.
ثم سُمِح لي أن أنظُرَ الى ما وراء نِطاق الأرض الجافة، على طول الطريق حتى السماء. فرأيتُ جبلان عملاقان متجاوران ومثبّتان على قاعدتهما. لم أعرِف إرتفاعهما، لكنها كانت عالية جداً. إقتربتُ أكثر الى الجبلين فإكتشفتُ بأنها كانت مصنوعة من ذهبٍ صُلب، كان الذهبُ بهكذا نقاوةٍ حتى بدا لي وكأنهُ شفافٌ. ومن خلالِ وما وراء الجَبلينِ رأيتُ نوراً أبيضاً مُشرِقاً، وإنتشرَ النور حتى ملأ الكونَ. شعرتُ في قلبي أنّ هذه هي القاعدة التي تجلِسُ عليها السماء.
هنا على الأرض يتشاجرَ الناسُ على خاتِمِ ذهبٍ صغير لكن اللَّه يملُكُ الذهبَ كُله.
مبنى سكَنٍ
وفيما كنتُ أُصلّي إستلمتُ رؤية. رأيتُ الملائكةَ تقرأُ سِجل الأعمالِ التي نعملُها على الأرض. كان لبعض الملائكةِ أجنحـة والبعض الأخـر كان بدون أجنحـة. كما أن بعض الملائكـة كانت ضخمـة والبعض الأخر صغيرة، ولكن وجوهِها كانت مختلفة. كما الناسُ هنا على الأرض، هكذا الملائكة أيضاً يُمكِنُ تمييزها من قسماتِ وجوهِها.
رأيتُ الملائكة منهمكةً بتقطيع العديد من ألماسٍ ذات الأحجامِ الكبيرة ووضعها داخل أساسات منازِل سكَنٍ جميلة. كان ثخن كُل ماسٍ حوالي قدمٌ واحد وبطول قدمين وكان جميلاً جداً. وفي كل مرةٍ تـُربَحُ نفسٌ للَّه، كان ماسٌ واحِدٌ يُضاف الى مَنزلِ الرابحَ للنفسِ. ليس هناك عملٌ يذهبُ عبثاً حينما يُعملُ للَّه.
بوابة السماء
كنتُ أصلي في وقتٍ أخر، فرأيتُ هذه الرؤية السماوية. كنتُ في الروح وجاء ملاك إليَّ وأخذني الى السموات. ورأيتُ مرةً ثانية المناظر الخلابة لأمواج عظيمة من النور والتألـَّقِ الرائع مثل تلك التي رأيتُ خلف جَبلي الذهب الصُلب. أوقع مشهدُ قوة اللَّه المعروضة أمامي رُهبةً في نفسي.
وفيما كنَّا نقترِبُ، الملاك وأنا، الى بوابةٍ عِملاقةٍ لِجدارٍ ضخمٍ، رأينا ملاكان ضخمان جداً معهما سيوف. كانا بطول خمسين قدماً، وكان شعرهما ذهبي ومجدول. كانت البوابة عالية لدرجة لم أستطع رؤية قمتها. كانت الأبرع جمالاً لِفنِّ لم ترى عيني مِثله أبداً. كانت البوابةُ منقوشة باليدِ وفيها طيَّات معقَّدة، ثنيَّات، طبقات ونقشٌ، وكانت مُرصَّعة بالألئِ، والماسِ، والياقوتِ الاحمر والأزرقِ وغيرها من الأحجارِ الكريمةِ.
كل شئ على البوابةِ كان متوازِناً بشكل كامل، وكانت البوابة تنفتحُ الى الخارج. وجاء ملاكٌ ومعه كتابٌ في يده من خلف البوابة. وبعد فحص الكتابِ، أومئ الملاكُ برأسهِ، مُوافِقاً على دخولي.
أيها القارئ، لن تستطيع الدخولَ الى السماء إن لم يكُن إسمُك مكتوباً في كتاب الحياة للخروف.
غرفة الإضبارة
في رؤية، أخذني ملاك الى السماء وأراني غرفة كبيرة مع جدران ذهبية صلبة. كانت حروفٌ أبجدية منقوشة على الجدران هنا وهناك. بدا لي المشهدُ وكأنه مكتبةً ضخمة، لكِن الكُتب كانت مطمورة داخل الجدران بدلاً عن الرفوف.
كانت ملائكة مرتدية رداءً طويلاً تأخذ الكُتب من الجدران وتقرأها بإنتباه. بدا لي أن هُناك ترتيبٌ صارِم لما كان يفعلونهُ. لاحظتُ أن للكُتب غلافٌ ذهبيٌّ سميك وكانت بعضُ الصفحات حمراء. كانت الكُتب جميلة جداً.
قال الملاكُ الذي كان معي بأن هذه الكُتب هي سِجلٌ لحياة كُلِّ إنسان ولِد على الأرض. قيل لي أيضاً أن هُناك غُرَفٌ أخرى في مكان أخر لسِجلاتٍ أكثر. وكان رؤساءُ ملائكةٍ تجلبُ السِجلات من وقتٍ لأخر قدام اللَّه للموافقةِ عليها أو رفضِها. كانت الكُتب تحوي طِلباتَ الصلاة، نُبوّات، مواقِفَ سُلوك، نُموٌّ في الرَّب، نفوسٌ أُرشِدت الى المسيح، وثمر الروح وغيرها. كل شئ نعمله على الأرض يُسجَّلُ في واحدٍ من هذه الكُتب مِن قِبل الملائكةِ.
وكان ملاك بين الحين والأخر يُنزِلُ كتاباً ويقوم بغسلِ صفحاتهِ بقماش ناعم. وكانت تتحولُ الصفحات المغسولة الى لون أحمر.
السُلَّم السماوي
جلبَ روحُ اللَّه هذه الرؤية لي. رأيتُ سُلـََّماً روحيَّاً كبيراً نازلاً من السماء الى الأرض. في جانبٍ من السُلـّم كانت ملائكةٌ تنزل الى الأرض، فيما كانت ملائكةٌ أخرى تصعدُ من الجانب الأخرِ للسُلـّم.
لم يكُن للملائكةِ على السُلـّم أجنحة، ولكن كان لكُلِّ ملاكٍ كتابٌ بإسمٍ مكتوبٍ على الغلاف الأمامي. وبدا لي ان قسماً من الملائكة كانت تـُعطي توجيهاتٍ وتـُجيبُ على أسئلةٍ مطروحةٍ من قِبل ملائكة أخرى.
وكانت الملائكة تختفي حال إستلامِها التوجيهات وأجوبةَ الأسئلةِ.
كما رأيتُ سلالِم أخرى في أماكن اخرى على الأرض. كانت الملائكةُ في حركة متواصلة، نزولاً وصعوداً. وكانت تتحركُ بِجرأةٍ وسُلطان منذ تعيينها رُسلٌ بأوامرٍ من اللَّه.
الفصل السادس والعشرون
نـُبوَّة من يسوع
حين ظهر لي يسوع لأول مرة، قال، "كاثرين، إختُرتِ من قبل الأب لترافقيني الى أعماق الجحيم. سأُريكِ أشياءً كثيرة أرغبُ ان يعرفها العالم عن الجحيم وعن السماء. سأقول لكِ ماذا تكتبين لكي يكونَ الكِتاب تقريرٌ صادق عما هو موجود حقاً في هذه الأماكن المجهولة. روحي سيكشِفُ لكِِ عن الأبديـة، الحُكم، المحبَّة، الموت وحياة الأخِرة."
هذهِ رسالة الرَّب للعالمِ الضالِّ، "لا أرغبُ أن تذهبَ الى الجحيم. خلقتكَ لتكون مصدرَ إبتهاجي وللصُحبةِ الأبدية. أنتَ خليقتي وأنا أُحِبُّك. ادعوني فيما أنا قريب، وأنا سأسمع وأُجيبُـك. أُريد أن أغفِرَ لك وأُبارِكك."
ويقول الرَّب للمولودين ثانيةً: "لا تنسوا إجتماعاتِكم. إتـَّحِدوا وصلـَّوا وادرسوا كلمة اللَّه. إعبدوني بالروح والقداسة."
ويقول الرَّب للكنائس والأمم: "ملائكتي تحارِب دائماً من أجل وارثي الخلاص ومن أجل الذين سيكونون وارثين. أنا لا أتغيَّر. أنا هو أمس واليوم والى الأبد. إبحثوا عني وأنا سأسكب بروحي عليكُم. اولادكم وبناتكم سيتنبأون. سأعملُ أعمالاً عظيمة وسطكم."
إذا كُنتَ غير مُخلـَّصٍ، أرجوك إنتهز وقتكَ الأن وإركع قدام الرَّب وأطلب منهُ المغفِرة عن خطاياك ولِيجعلِك طفله. مهما كانت التكلِفة، عليكَ أن تـُقرِّر الأن لتجعل السماء بيتكَ الأبدي. الجحيمُ رهيبٌ، وهو مكانٌ حقيقي.
الختام:
أوكد لك ان الأشياء التي قرأتها في هذا الكتاب هي حقيقية. الجحيم مكانُ عذابٍ حقيقي. ولكني أريد أن اقول لك أن السماء حقيقية أيضاً وبالإمكان أن تكون بيتكَ الأبدي.
كخليقة اللَّه أخضعتُ نفسي لِقيادة الرَّب يسوع المسيح، وبكل أمانة سَجَّلت هذه الأشياء التي أراها الرَّب لي وكل ما قالهُ لي.
لتـُحرِزَ على نتائجٍ أفضلْ عليك أن تقرأ هذا الكتاب مع كتابك المقدس، ثم تقارِن ما هو مكتوب هنا مع الأيات في الكتاب المقدس. أتمنى أن يستخدم اللَّه هذا الكتاب لِمجدِهِ فقط.
ماري كاثرين باكستر
No comments:
Post a Comment